في كثير من الأحيان تكتنف حياة الأقليات المسلمة مصاعب ومشقَّات تعنتهم وتلحق بهم الحرج، والمتصدون للإفتاء لا ينبغي أن يغيب عنهم ما تقرر وتكرر في هذه الشريعة السمحة من رفع الحرج ونفي العنت والترخيص عند المشقات البالغة، وذلك من غير إفراط أو تفريط، ومن غير تتبع للرخص أو اتباع للحيل.
وفيما يأتي بيان لتلك القواعد الأصولية المقاصدية المرتبطة بهذا الشأن، ثم القاعدة الفقهية الكبرى: المشقة تجلب التيسير، وما يليها من قواعد.
[المطلب الأول: القواعد الأصولية والمقاصدية]
[القاعدة الأولى: الشريعة مبناها على رفع الحرج]
[المعنى العام للقاعدة]
كل ما ترتب عليه مشقة زائدة، وغير معتادة يفضي إلى ضيق وعسر، سواء أكان ذلك في الأبدان من الآلام أو الأمراض الحسية، أم كان في النفس من الآلام النفسية أو المعنوية، أم كان في المال مما يؤدي إلى إتلافه أو ضياعه، أو كان الغبن فيه غبنًا فاحشًا، فإن الشريعة السمحة ترفعه أو تخففه، إما بالكفِّ عن الفعل الموقع في الحرج، وإما بإباحة الفعل عند الحاجة إليه، ويتناول رفع الحرج الآخرة كما يتناول الدنيا.
ويتوجه الرفع والإزالة إلى حقوق الله تعالى فحسب؛ لأنها مبنية على المسامحة، ويكون هذا إما بارتفاع الإثم عند الفعل، وإما بارتفاع الطلب للفعل.