كقوله تعالى في المتمتع:{فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ}[البقرة: ١٩٦]؛ فاحتمل صيام الثلاثة قبل عرفة، واحتمل صيام السبعة إذا رجع في طريقه، وإذا رجع إلى بلده، فيصح الاجتهاد في تغليب إحدى الحالتين على الأخرى.
[سادسها: ما استخرج من دلائل النص]
كقوله تعالى:{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ}[الطلاق: ٧]، فاستدللنا على تقدير نفقة الموسر بمُدَّين، بأن أكثر ما جاءت به السنة في فدية الآدمي أن لكِّل مسكين مُدَّين، واستدللنا على تقدير نفقة المعسر بمُدٍّ بأن أقلَّ ما جاءت به السنة في كفارة الوطء، أن لكل مسكين مُدًّا.
[سابعها: ما استخرج من أمارات النص]
كاستخراج دلائل القِبلة لمن خفيت عليه، مع قوله تعالى:{وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ}[النحل: ١٦]، مع الاجتهاد في القِبلة بالأمارات والدلالة عليها من هبوب الرياح ومطالع النجوم.
ثامنها: ما استخرج من غير نص ولا أصلٍ:
قال: واختلف أصحابنا في صحة الاجتهاد بغلبة الظن على وجهين:
أحدهما: لا يصح حتى يقترن بأصل؛ لأنه لا يجوز أن يرجع في الشرع إلى غير أصل، وهو ظاهر مذهب الشافعي؛ ولهذا كان ينكر القول بالاستحسان؛ لأنه تغليب ظن بغير أصل.
والثاني: يصح الاجتهاد به؛ لأن الاجتهاد في الشرع أصل، فجاز أن يُسْتَغْنَى عن أصل. وقد اجتهد العلماء في التعزير على ما دون الحد بآرائهم في أصله من ضرب وحبس، وفي تقديره بعشر جلدات في حال، وبعشرين في حال، وليس لهم في هذه