للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعاوية أنهم صلوا قبل الزوال، وأحاديثهم تدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلها بعد الزوال، في كثير من أوقاته لا خلاف في جوازه، وأنه الأفضل والأولى، وأحاديثنا تدل على جواز فعلها قبل الزوال ولا تنافي بينهما، وأما في أول النهار فالصحيح أنها لا تجوز؛ لما ذكره أكثر أهل العلم، ولأن التوقيت لا يثبت إلا بدليل من نص أو ما يقوم مقامه، وما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عن خلفائه أنهم صلوها في أول النهار، ولأن مقتضى الدليل كون وقتها وقت الظهر وإنما جاز تقديمها عليه بما ذكرنا من الدليل، وهو مختص بالساعة السادسة فلم يجز تقديمها عليها، والله أعلم" (١).

وعليه: فإذا كان بعض المسلمين إمَّا أن يأتي بالجمعة فيصليها قبيل الزوال على ما ترجح جوازه في مذهب أحمد -رحمه الله-، أو أنه لن يأتي بها لصعوبة ومشقة شديدة فإن الفتيا على إباحة أدائها قبل الزوال بيسير يقيم الفريضة، ويعين المكلف على أداء الصلاة، ويحفظ عليه دينه، ويحول بينه وبين الاجتراء على محارم الله.

القاعدة الثالثة: طلب التخفيف بوجه غير شرعي باطل (٢):

[المعنى العام للقاعدة]

لقد تحقق عند الناظر في الأحكام الشرعية ومقاصدها أن المشقة غير مقصودة للشارع أصلاً (٣)، وأن المشقات الخارجة عن معتاد المشقات في الأعمال العادية مقصود الشارع فيها الرفع على الجملة (٤).


= يصلي، (٢/ ١٠٧)، والدارقطني في "سننه"، كتاب الجمعة، باب: صلاة الجمعة قبل نصف النهار، (٢/ ٣٣٠). قال الشيخ الألباني: "إسناده محتمل للتحسين، بل هو حسن على طريقة بعض العلماء -كابن رجب وغيره-؛ فإن رجاله ثقات غير عبد الله بن سيدان. . . "، كما في "الأجوبة النافعة عن أسئلة لجنة مسجد الجامعة"، مكتبة المعارف، الرياض، ط ١، ١٤٢٠ هـ / ٢٠٠٠ م، (ص ٤٢).
(١) المغني، لابن قدامة، (٣/ ٢٤٠ - ٢٤١).
(٢) الموافقات، للشاطبي، (١/ ٣٤٦).
(٣) المرجع السابق، (٢/ ١٢١).
(٤) المرجع السابق، (٢/ ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>