ثم تأتي الأدلة التي اختلف فيها في رتبة ثانية بعد الأصول الأربعة المذكورة، وتُسمَّى المصارد الفرعية وأهمها: الاستحسان، والاستصلاح، والعرف، والاستصحاب، وقول الصحابي، وشرع من قبلنا، وسدُّ الذرائع، وغير ذلك.
وفيما يأتي بيان تلك المصادر الأصلية والفرعية، مع ذكر أسباب الرد إليها لدى استنباط أحكام النوازل وعمل المجتهد فيها بالاستنباط.
أولًا: الكتاب والسنة (النصوص):
لا اختلاف أن القرآن والسنة هما الأصلان المعصومان والوحيان المطهران، وهما المشتملان على أدلة الأحكام من غير نقصان، وعمل المجتهد فيهما على ثمانية أقسام ذكرها الماوردي -رحمه الله- فقال:
أحدها: ما كان الاجتهاد مستخرجًا من معنى النص:
كاستخراج علَّة الربا من البُرِّ، فهذا صحيح عند القائلين بالقياس.
[ثانيها: ما استخرجه من شبه النص]
كالعبد في ثبوت ملكه؛ لتردد شبهه بالحُرِّ في أنه يملك؛ لأنه مكلَّف، وشبهه بالبهيمة في أنه لا يملك؛ لأنه مملوك، فهو صحيح غير مدفوع عند القائلين بالقياس والمنكرين له، غير أن المنكرين له جعلوه داخلًا في عموم أحد الشبهين، ومن قال بالقياس جعله ملحقًا بأحد الشبهين.
ثالثها: ما كان مستخرجًا من عموم النص:
كالذي بيده عقدة النكاح في قوله تعالى:{أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاح}[البقرة: ٢٣٧] يعم الأب والزوج، والمراد به أحدهما، وهذا صحيح يتوصل إليه بالترجيح.
[رابعها: ما استخرج من إجمال النص]
كقوله تعالى في المتعة:{وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ}[البقرة: ٢٣٦]؛