للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا فإن قواعد المقاصد تقتضي تقديم الضروري على ما عداه، وتقديم الحاجيات على التحسينات، وتقديم كل مرتبة على مكملاتها، فمثلًا: "مصلحة البدن مقدمة على مصلحة المال، ومصلحة القلب مقدمة على مصلحة البدن". (١)

القاعدة الثانية: عند تعارض المفاسد تدفع أعظمها فسادًا:

[المعنى العام للقاعدة]

"إذا دار الأمر بين درء مفسدتين وكانت إحداهما أكثر فسادًا من الأخرى، فدرء العليا منهما أولى من درء غيرها، وهذا موضع يقبله كل عاقل، واتفق عليه أولو لعلم ". (٢)

وكما أن القاعدة السابقة تنص على تقديم المصلحة الأرجح والأولى عند التعارض بين المصالح، فكذا عند تعارض المفاسد تدفع المفسدة الأكبر، ولا شك أن أعظم المكروهين أولاهما بالترك، فيرتكب أدنى المكروهين ضررًا ليتخلص به من أشدهما ضررًا (٣). فمطلوب الشريعة ترجيح خير الخيرين إذا لم يمكن أن يجتمعا جميعًا، ودفع شر الشرين إذا لم يندفعا جميعًا. (٤)

[أدلة القاعدة]

أولًا: القرآن الكريم:

قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ


(١) الفتاوي الكبرى، لابن تيمية، (٤/ ٤٦٧).
(٢) شرح الكوكب المنير، لابن النجار، (٤/ ٤٤٧ - ٤٤٨).
(٣) إغاثة اللهفان، لابن القيم، (٢/ ١٤٢).
(٤) مجموع الفتاوي، لابن تيمية، (٢٣/ ٣٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>