للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثالث: إنْ نصَّ الإمام على علة، أو أومأ إليها كان مذهبًا له، وإلا فلا، إلا أن تشهد أقواله وأفعاله أو أحواله للعلة المستنبطة بالصحة والتعيين، وهذا ما رجحه ابن حمدان، وهو اختيار الطوفي من الحنابلة، واحتجوا بجواز إبداء الفرق لو عرضت المسألة على الإمام (١).

[ضوابط الاستنباط بالتخريج]

أيًّا ما كان الترجيح بين المذاهب في حجية التخريج فإن هذا العمل الفقهي مما جرى عليه عمل الفقهاء قديمًا وحديثًا، وهو مما أثرى الفقه عمومًا، وأدى إلى تمهر الفقهاء، وتحصيل ملكة الفقه خصوصًا، وإيضاح الجادة للمبتدئين، وشحذ همة المتقدمين، وهذا يدعو ويحمل على ضبط هذه الأعمال الفقهية، والتنبيه على ما تطلب مراعاته عند النظر والاستنباط من أقوال أئمة الفقهاء، فإنه بحسب الانضباط بهذه الضوابط والتقيد بها يقترب القول من الصواب، وهو الغاية المنشودة.

وفيما يلي أهم تلك الضوابط:

[١ - الإحاطة بمذهب الأمام قبل التخريج]

وذلك لأن نسبة المُخَرِّجِ إلى إمامه كنسبة الإمام إلى صاحب الشرع في اتباع نصوصه والتخريج على مقاصده، فكما أن الإمام لا يجوز له أن يقيس مع قيام الفارق؛ لأن الفارق مبطل للقياس، والقياس الباطل لا يجوز الاعتماد عليه، فكذلك المخرج أيضًا، لا يجوز له أن يُخَرِّجَ على مقاصد إمامه فرعًا على فرعٍ نصَّ عليه إمامه مع قيام الفارق بينهما (٢) فلا بدَّ من أن يكون شديد الاستحضار لنصوص مذهبه وأصوله


= (١/ ٢١)، صفة الفتوى، لابن حمدان، (ص ٨٨) المدخل، لابن بدران، (ص ١٣٧).
(١) صفة الفتوى، لابن حمدان، (ص ٨٨)، المدخل، لابن بدران، (ص ١٣٥).
(٢) الفروق، للقرافي، (٢/ ٥٤٣ - ٥٤٤)، إعلام الموقعين، لابن القيم، (٤/ ١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>