للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيجوز مثلًا التيمم لمن معه ماء يحتاج إلى شربه في المآل، لا في الحال (١)، ويُنَزَّلُ القادر على الكسب منزلةَ واجدِ المال في منعه من الزكاة. (٢)

ويباح بيع ما لا يُنْتَفَعُ به في الحال كدود القزِّ الذي يُنْتَفَعُ به بعد حياته باستخراج الحرير، (٣) وكذا الصغير من الحيوان الذي يُنْتَفَعُ به بعد مُدَّةٍ.

وذهب الحنفية والظاهرية، وهو أحد قولي الشافعية والحنابلة إلى ابتناء الحكم على الحال دون المآل (٤).

وإنما كان الحكم بناء على الحال دون المآل؛ لأن إنشاء التصرف هو الذي قد نشأ عنه الحكم المتعلق بمن أنشأ هذا التصرف، ووقت الإنشاء كان في الحال، فتكون العبرة بالحال، لا بالمآل.

وبناءً على اختلاف الأنظار في أيِّهما يقدَّم اختلفتِ الأحكامُ. ومآخذُ الأدلة قد تُعْطِي ما يخدم المذهبين.

[تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات]

تعتبر هذه القاعدة من أهم القواعد في الإفتاء للأقليات في الواقع المعاصر؛ وذلك لأن كثيرًا من الأفعال؛ بل وردود الأفعال في تلك الديار قد تبدو داخلة ضمن إطار المشروعية، إلا أنه بالنظر إلى مآلاتها لا يمكن بحال أن تباح أو تستباح.

وكثير من الأمور المتعلقة بحياة الأقليات وشئونها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية تخضع لهذه القاعدة.

وعليه فقد جرت الفتيا في تلك الديار بالتزام النظام العام والقانون الحاكم في تلك


(١) الأشباه والنظائر، للسيوطي، (ص ١٨٠)، إيضاح القواعد الفقهية، للحجي، (ص ٩٩).
(٢) الأشباه والنظائر، للسيوطي، (ص ١٨٠).
(٣) حاشية الروض المربع شرح زاد المستقنع، لعبد الرحمن بن محمد بن قاسم، ط ١، ١٣١٢ هـ - ١٣٩٢ م، (٤/ ٣٣٤ - ٣٣٥).
(٤) الأشباه والنظائر، للسيوطي، (ص ١٨٠)، المقاصد الشرعية في القواعد الفقهية، د. عبد العزيز عزام، (ص ٤٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>