للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثًا: أقوال الصحابة:

قال عمر -رضي الله عنه- لشريح حين بعثه قاضيًا: "ما استبان لك في كتاب الله فلا تسأل عنه، فإن لم يستبن في كتاب الله فمن السنة، فإن لم تجده في السنة، فاجتهد رأيك" (١).

وقال عمر -رضي الله عنه- لأبي موسى -رضي الله عنه- في كتابه الذي أرسله إليه: ". . . ثم الفهمَ الفهمَ فيما أدلي إليك مما ليس في قرآن ولا سنة، ثم قَايِسِ الأمورَ عند ذلك، واعرفِ الأمثال والأشباه، ثم اعمد إلى أحبها إلى الله فيما ترى وأشبهها بالحق. . . " (٢).

[وجه الدلالة]

أنه جعل الاجتهاد رتبة متأخرة، بحيث صار بمنزلة الضرورة عند فقد النص اضطرارًا.

رابعًا: الإجماع:

قال الشافعي -رحمه الله-: "أجمع الناس على أن من استبانت له سنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس" (٣).

خامسًا: المعقول:

١ - إذا كان الحكم حاصلًا بالنص عليه، فلا حاجة لبذل الوسع بالاجتهاد في تحصيله؛


(١) أخرجه: الخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه" (٥٣٣)، وأبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله المعروف بابن عساكر في "تاريخ مدينة دمشق"، تحقيق: محب الدين أبي سعيد عمر بن غرامة العمروي، دار الفكر، بيروت، ط ١، ١٤١٩ هـ / ١٩٩٨ م، (٢٣/ ١٩)، من حديث الشعبي قال: أخذ عمر فرسًا من رجل على سوم، فحمل عليه فعطب، فخاصمه الرجل، فقال عمر: اجعل بيني وبينك رجلًا؛ فقال الرجل: فإني أرضى بشريح العراق، فقال شريح: أخذته صحيحًا مسلمًا، فأنت له ضامن حتى ترده صحيحًا مسلمًا! قال: فكأنه أعجبه؛ فبعثه قاضيًا، وقال. . . فذكره.
(٢) أخرجه: البيهقي في "السنن الكبرى"، كتاب الشهادات، باب: لا يحيل حكم القاضي على المقضي له والمقضي عليه و. . .، (١٠/ ١٥٠)، وفي "معرفة السنن والآثار" (١٤/ ٢٤٠)، ومن طريقه: ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٣٢/ ٧١)، من حديث أبي العوام البصري. وانظر: إعلام الموقعين، لابن القيم، (١/ ٨٥ - ٨٦).
(٣) إعلام الموقعين، لابن القيم، (٢/ ٢٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>