للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - يشترط في الإجارة من بيان مدة المنفعة للعين المؤجرة، وتعيين كل ما يتعلق بالمنفعة، وقد جرى عمل الناس قديمًا على دخول الحمام من غير تعيين ذلك مع تفاوته بين الناس تفاوتًا ملحوظًا فإن ما يستهلك من الماء والصابون والوقت الذي يلبثه داخل الحمام غير محدد ولا منضبط، وهذا من شأنه أن يفسد الإجارة، إلا أنهم أجازوا ذلك للحاجة ودفعًا للمشقة (١).

وهكذا نجد أحكامًا قيلت استحسانًا كان الجامع فيها هو نفي الحرج والعنت والمشقة (٢).

وهو ما يبرهن على أن الاستحسان إنما هو مظهرٌ واضحٌ، وتجلٍ بينٌ لقاعدة: المشقة تجلب التيسير.

وفي نوازل الأقليات وُجِدَتْ فتاوي كثيرة استندت إلى المشقة الواقعة في تخفيف كثير من الأحكام، وأبيحت تصرفات متعددة بناءً على أن ما حرم لسد الذريعة يباح للحاجة.

فصدرت بعض الفتاوي عن المجلس الأوروبي للإفتاء تبيح عند الاضطرار الاقتراض بالربا؛ لشراء المساكن وتملكها، وبقاء المرأة التي أسلمت تحت زوجها غير المسلم، وغير ذلك (٣).

[القاعدة الثالثة: الترجيح بدفع المشقة]

قد تتعارض الأدلة بحسب الظاهر، وعند التعارض يطلب الترجيح، إذا لم يمكن الجمع، وقد اهتم العلماء بالمرجحات، ونظروا فيها تقديمًا وتأخيرًا، ومما عُدَّ من المرجحات دفعُ المشقة ورفع الحرج، وقد تجلَّى هذا الأمر في تقعيدات، وضوابط للترجيح متعددة، ومن ذلك ما يأتي:

الأخذ بالحكم الأخف:


(١) تعليل الأحكام، لمحمد مصطفى شلبي، (ص ٣٥٢).
(٢) قاعدة المشقة تجلب التيسير، للباحسين، (ص ٣٢٣ - ٣٤٤).
(٣) صناعة الفتوى وفقه الأقليات، لابن بيه، (ص ٣٣٢ - ٣٤٢)، وسيأتي في أثناء البحث مناقشة لهذه الفتاوي بمزيد بيان وإيضاح، وترجيح للراجح، وإنما وقع ذكرها لمجرد التمثيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>