للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرائط العدالة كاملة في الشهود على ما قرره العلماء لضاعت الحقوق لفقدان عدالة الشهود، فصار النزول إلى العدالة النسبية، وقبول شهادة الأمثل فالأمثل هو الممكن المتعين (١).

وأفتى كذلك متأخرو الحنفية في إثبات الأهلة لصيام رمضان وللعيدين بقبول رؤية شخصين، ولم تكن في السماء علة تمنع الرؤية من غيم أو ضباب أو غبار، بعد أن كان في أصل المذهب الحنفي لا يثبت إهلال الهلال عند صفاء السماء إلا برؤية جمع عظيم؛ لأن معظم الناس يلتمسون الرؤية، فانفراد اثنين بادِّعاء الرؤية مظنة الغلط أو الشبهة، وقد علل المتأخرون قبول رؤية الاثنين بقعود الناس عن التماس رؤية الهلال، فلم تبقَ رؤية اثنين معه مظنة الغلط إذا لم تكن في شهادتهما شبهة أو تهمة تدعو إلى الشك والريبة (٢).

[النوع الرابع: تكثير العقوبات وتغليظها أو تخفيفها]

لم يكن في حد الخمر تقدير معلوم في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال الزهري (٣): "لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرض فيها حدًّا، كان يأمر من حضره يضربون بأيديهم ونعالهم حتى يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ارفعوا" (٤).

ثم لما كان زمن أبي بكر -رضي الله عنه- تغير الحال وكثر الشُرَّاب، فجعل حد الخمر أربعين؛ فقد روى ابن عباس -رضي الله عنهما-: "أن الشُّرَّاب كانوا في خلافة أبي بكر أكثر منهم في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال أبو بكر: لو فرضنا لهم هذا، فتوخَّى لهم نحوًا مما كانوا يُضربون في عهد


(١) المبسوط، للسرخسي، (١٦/ ١٢١)، المدخل الفقهي العام، للزرقا، (٢/ ٩٤٩).
(٢) المدخل الفقهي العام، للزرقا، (٢/ ٩٤٩).
(٣) أبو بكر، محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، الزهري، القرشي، الإمام العلم، صنف كتاب المغازي، ولد سنة ٥٠ هـ، وتوفي سنة ١٢٤ هـ. طبقات الفقهاء، للشيرازي، (ص ٦٣)، سير أعلام النبلاء، للذهبي، (٥/ ٣٢٦).
(٤) المصنف، لأبي بكر عبد الرزاق بن همام، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظم، الناشر: المكتب الإسلامي، الطبعة الثانية، ١٤٠٣ هـ، (٧/ ٣٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>