للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعبَّر عنها بعض الحنابلة فقالوا: "من تعجَّل حقَّه، أو ما أُبيّحَ له قبل وقته على وجه محرم عُوقب بحرمانه" (١).

وهذه القاعدة على اختلاف صيغها ذات مضمون واحد، وهو يدور حول سدِّ ذرائع الفساد، وإغلاق أبواب الوسائل المحرمة.

وإذا كانت القاعدة الكلية الكبرى "الأمور بمقاصدها" تُقَرِّرُ أن الفاعل يُعامَلُ بحسب مقصده، فإن هذه القاعدة تمثل استثناءً حين يُعامَل بنقيض قصده، فمن توسل بمحرَّم أو تذرَّع بحيلة باطلة استعجالاً لما هو مقرر له، أو ما كان من حقه مؤجلًا، فإنه يعامل بنقيض مقصوده، ويمنع مما كان مستحِقًّا له زجزًا وردعًا له وعقوبة، علاوة على العقوبة المستحقة على الفعل نفسه (٢).

وهذه القاعدة تقرر النظر إلى هذا القصد السيئ والفعل المحرم بالإبطال؛ لأن الغايات لا تُسَوِّغُ الوسائل إذا كانت محرمة، فمن احتال على تحليل الحرام، أو تحريم الحلال، فإنه يعامل بنقيض قصده عقوبةً له.

فنصوص القرآن الكريم والسنة وفتاوي الأئمة دالة على أن من احتال على الشرع فأبطل الحقوق، وأحلَّ الحرام، وحرم الحلال أنه يُعامَل بنقيض قصده جزاءً وفاقًا (٣).

[فمن القرآن الكريم]

قوله تعالى: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [الأعراف: ١٦٣].


(١) القواعد، لابن رجب، (ص ٢٤٧).
(٢) الوجيز في قواعد الفقه الكلية، للبورنو، (ص ٩٦).
(٣) إغاثة اللهفان، لابن القيم، (١/ ٣٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>