للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شروط اعتبار العرف]

اشترط العلماء لاعتبار العرف شروطًا أهمها:

١ - أن يكون العرف مطَّردًا أو غالبًا:

ويقصد بالاطِّراد أن يكون العمل بالعرف مستمرًّا في جميع الحوادث، لا يختلف من شخص لآخر، ولا يُقصد به العموم الذي هو الانتشار في سائر الأقطار؛ لذا جاز أن يكون العرف عامًّا في جميع الأمصار، ولا يكون مطَّردًا، والعرف الخاص قد يكون مطَّردًا وغير مطَّرد، وهذا الذي لا يكون منتشرًا في جميع الأمصار ومعنى: غالبًا، أي: يكون شائعًا بين أهله في أكثر الحوادث؛ إذ العبرة للغالب الشائع، وليس للقليل النادر (١).

لذا قال الفقهاء: "إنما تُعتبر العادة إذا اطَّردت أو غلبت" (٢).

٢ - أن يكون العرف مقارِنًا أو سابقًا:

ولا يُعتبر العرف المتأخر في التصرفات السابقة، قال ابن نجيم: "العرف الذي تُحمل عليه الألفاظ إنما هو العرف المقارِن أو السابق دون المتأخ؛ ولذا قالوا: لا عبرة بالعرف الطارئ" (٣).

٣ - ألَّا يترتب على العمل بالعرف تعطيل نصٍّ ثابت أو معارضة أصلٍ قطعي:

فكل عرف ورد النص بخلافه فهو غير معتبر؛ ومن المعلوم أن العرف لا يستقل بإنشاء الحكم الشرعي، وإنما هو فقط يؤدي دوره في تنزيل الحكم الشرعي على الواقع، وعليه فلو تعارض العرف مع النص من كل وجهٍ أو الأصل الشرعي القطعي؛ فإن هذا العرف يُهدر ولا يُلتفت إليه؛ كتعارف الناس في بعض الأوقات على تناول المحرمات، وأكل الربا، وخروج النساء متبرجاتٍ، فإذا كان كذلك فلا اعتبار


(١) منافح الدقائق شرح مجامع الحقائق، للسيد مصطفى بن السيد محمد الكوز الحصاري، طبع دمشق، (ص ٣٢٥).
(٢) درر الحكام شرح مجلة الأحكام، لعلي حيدر، (١/ ٤٥)، الأشباه والنظائر، لابن نجيم، (ص ١٠٣).
(٣) الأشباه والنظائر، لابن نجيم، (ص ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>