كتاب فقه النوازل للأقليات المسلمة

أدلة القول الأول: من القرآن الكريم، والسنة المطهرة، والقواعد الفقهية والمقاصدية - رابعا: المعقول، والقياس - ج: 2 - ص: 1142

وذلك لأن المشارك في هذا العمل من مسلمي الأقليات ليس ممن يريد علوًّا في الأرض ولا فسادًا، وإنما هو ساعٍ في الإصلاح، وتحقيق العدل، ورفع المظالم، فلا يستوي ومن يبتغي بذلك دنيا أو يبيعُ دِينَهُ بها.

وعليه فإن قواعد الفقه والأصول تشهد لهذا العمل بالجواز، وتحكم عليه بالقبول.

رابعًا: المعقول، والقياس:

[القياس على وجوب فداء أسرى المسلمين]

في الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أَطْعِمُوا الجائعَ، وعُودُوا المريضَ، وفُكُّوا العانِيَ" (١).

وقد ذكر الإمام مالك أن على الناس أن يُفْدُوا الأسارى، ولو استغرق ذلك جميعَ أموالهم (٢).

وعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: "لأن أستنقِذَ رجلًا من المسلمين من أيدي الكفار أحبُّ إليَّ من جزيرة العرب" (٣).

وقد نص على وجوب فداء الأسرى من بيت مال المسلمين طائفة من فقهاء المذاهب، منهم ابن قدامة المقدسي (٤)، وابن تيمية (٥)، والبهوتي (٦)، والرملي (٧) (٨)، والسيوطي (٩)،

---

(١) أخرجه البخارث كتاب المرضي، باب: وجوب عيادة المريض، (٥٦٤٩) من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- مرفوعًا.
(٢) تفسير القرطبي، (٥/ ٢٧٩).
(٣) الخراج، لأبي يوسف، (ص ١٩٦).
(٤) المغني، لابن قدامة، (١٣/ ١٣٥).
(٥) مجموع الفتاوي، لابن تيمية، (٢٩/ ١٨٣، ١٨٤).
(٦) كشاف القناع، للبهوتي، (٣/ ١٣٩).
(٧) نهاية المحتاج، للرملي، (٨/ ١٠٨).
(٨) محمد بن أحمد بن حمزة، شمس الدين الرملي، فقيه الديار المصرية في عصره، ومرجعها في الفتوى، يقال له: الشافعي الصغير من مصنفاته: غاية البيان في شرح زبد ابن رسلان، نهاية المحتاج حاشية على شرح التحرير لشيخ الإسلام، فتح الجواد بشرح منظومة ابن العماد، ولد سنة ٩١٩ هـ، وتوفي سنة ١٠٠٤ هـ. الأعلام، للزركلي، (٦/ ٧)، معجم المؤلفين، لعمر رضا كحالة، (٨/ ٢٥٥).
(٩) الأشباه والنظائر، للسيوطي، (ص ٨٧).