للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى نهاية القرن السادس الهجري، ثم مفهوم الاجتهاد من نهاية القرن السادس الهجري إلى يومنا، والمنطلق الذي انطلق منه هو أنَّ وضع تعريف للاجتهاد أمرٌ متعذر؛ إذ يسبقه ممارسة الاجتهاد، وكيف يمارس الشيء قبل معرفة حقيقته؟ (١).

وايًّا ما كان الراجح من تعريفاتهم للاجتهاد فالحاصل أنهم تارة يطلقون الاجتهاد على المطلق في فروع الشريعة، وتارة على المقيد بالمذهب الفروعي، وتارة على تحقيق المناط، والله تعالى أعلم.

القيد الرابع: لا يعتبر الاجتهاد إلا ببذل كامل الوسع واستفراغ جميع الجهد في درك الحكم الشرعي الظني، وإلا لم يكن مجتهدًا، وهو معنى دلَّت عليه اللغة.

الفرع الثاني: العلاقة بين الفُتيا والاجتهاد:

ذهب عدد من الأصوليين والفقهاء إلى أنه لا فرق بين المفتي والمجتهد، فلم ينصُّوا على فروق بينهما، واهتمامهم ينصَبُّ على شروط المفتي ولوازمه أكثر من تعريفه.

وهذا لا يمنع من وجود قواسم مشتركة كثيرة بين المفتي والمجتهد، إلا أن الفروق بينهما يمكن إجمالها فيما يلي:

١ - من جهة مجالات الاجتهاد والإفتاء:

فالاجتهاد لا يكون إلا في الأحكام الشرعية الظنية، أما القطعية فلا مجال للاجتهاد فيها؛ إذ هي لا تقبل الاحتمال، ولا يجوز فيها الاختلاف، وخلافًا لذلك فالراجح أن الإفتاء لا يختص بالأحكام الظنية، بل يشمل الأمور القطعية أيضًا؛ لأنه إخبار وتبليغ وتطبيق لأحكام الشريعة.

ومن صرح من الأصوليين بالاجتهاد في الأحكام القطعية كان مقصوده الاجتهاد


(١) الملاحظ أنه ذكر فيما بعد تعريفًا مقترحًا للاجتهاد، هو: بذل من جمع آلات معينة في عصر معين وسعه من أجل التوصل إلى فهم المعاني التي دلت عليها نصوص الوحي -كنابًا وسنة- دلالة قطعية أو ظنية، وتنزيل المعاني المفهومة على واقع إنساني معين، المصدر السابق، (ص ٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>