للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة" (١).

[وجه الدلالة]

دل الحديثان: الأول والثاني على منع التهاون والتساهل في أمر الدين، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الرجل المسيء في صلاته أن يعيدها ثلاث مرات، وشدَّذد على المتخلفين عن الجماعات ولم يفتح لهم بابًا إلى التخفيف من غير عذر ولا مرض.

ولما كانت أسباب التخفيف الشرعية كثيرة فإن جلب التخفيف عن غير طريق مشروع لا يكون إلا منهيًّا عنه.

وقد أفاد الحديث الثالث هذا المعنى؛ فإنَّ جَمْعَ المتفرق من المال لدى الزكاة أو تفريقه طلبًا للتخفيف أمرٌ لا يُشرع ولا يكون مباحًا.

ثالثًا: الإجماع:

نقل ابن القيم -رحمه الله- إجماع الصحابة على تحريم الحيل المحرمة وإبطالها، وإجماعهم حجة قاطعة (٢).

رابعًا: المعقول:

إن البحث عن التخفيف وطلبه مطلقًا لتوهم المصلحة فيه أمرٌ لا يصح، ولا يصلح من جهتين؛ الأولى: أن هذه الشريعة كاملة ومحكمة فلا يوجد سبب تحقيق التخفيف والمصلحة معًا إلَّا وقد شُرع في دين الله، فما لم يثبت أنه مشروع فلا مصلحة معتبرة في تشريعه، والجهة الثانية: أن المصلحة لا يعرفها على وجهها، ولا يحيط بها حقَّ الإحاطة إلا الله تعالى، ومعرفة العبد بكل حال ناقصة، "فقد يكون ساعيًا في مصلحة نفسه من وجه لا يوصله إليها، أو يوصله إليها عاجلًا، لا آجلًا، أو يوصله إليها ناقصة، لا


(١) أخرجه: البخاري، كتاب الزكاة، باب: لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع، (١٤٥٠)، من حديث أنس أن أبا بكر -رضي الله عنهما- كتب له التي فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ولا يجمع. . ." فذكره.
(٢) إعلام الموقعين، لابن القيم، (٣/ ١٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>