حكم التمويل البنكي لشراء المساكن في المجتمعات الغربية
[تصوير وتكييف المسألة]
التعامل بالربا مُجمع على تحريمه في كل شريعة منزلة، ومع هذا فقد وُجِدَ مَنْ يستبيحه ظلمًا وعدوانًا، قال تعالى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (١٦٠) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ} [النساء: ١٦٠ - ١٦١].
ولما استباح اليهود أخذ الربا من غير اليهود قالوا:{لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ}[آل عمران: ٧٥].
وقد ظلت القوانين في البلاد النصرانية تُحَرِّمُ الربا حتى جاءت الثورة الفرنسية عام ١٧٨٩ م، فأباحت ما يسمى بالفائدة على القروض في حدود معينة، ثم انتقلت هذه الإباحة إلى تقنين نابليون الصادر في ١٨٠٤ م، ليستمرَّ الأمر إلى يومنا هذا.
وعليه: فإن بلاد الأقليات اليوم قد قَنَّنَتِ التعاملَ بالربا وشرَّعته دينًا وقانونًا مُتَّبَعًا، مع ما فيه من استغلال فاحش لذوي الحاجات، وخرقٍ واضح للتكافل في المجتمعات، وعرقلةٍ جلية لمسيرة التنمية ومحاصرة لمجالات الاستثمار، وتسببٍ مباشر في الكوارث الاقتصادية الهائلة والأزمات المالية الخانقة، وما الأزمة المالية التي عَمَّتْ مؤخَّرًا الغربَ الأوروبي والأمريكي بأسره إلا دليل واضح على صحة هذه الآثار الوخيمة لربا البنوك والمصارف المعاصرة.
والمسلم الذي تَحْمِلُهُ ظروفه على الإقامة ببلاد غير المسلمين، وكذا الذي أسلم من أهل تلك الدار مأمورٌ باجتناب الربا كثيرِهِ وقليلِهِ، منهيٌّ عن الوقوع في ظاهرِهِ وخفيِّهِ.