ولا شك أن المسكن حاجة أساسية لكل إنسان، وتوفيره بشكل مناسب يحقق الأمان والاطمئنان.
وقد شاعت في المجتمعات الغربية اليوم ظاهرة شراء البيوت عن طريق التمويل البنكي، وذلك بأن يتقدَّمَ طالب الشراء إلى أحد البنوك ليقرضه قيمة البيت فيسددها، ثم يتقاضى البنك منه هذا القرضَ أقساطًا شهرية يتقاضى عنها فوائدَ ربوبية؛ بحيث إنه قد يتضاعف المبلغ في نهاية المدة إلى ثلاثة أضعاف أو أكثر بحسب مدة القرض.
ومع كون هذه المعاملة من قبيل أكلِ الربا أضعافًا مضاعفةً إلَّا أن كثيرًا من الناس يرون فيها حلًّا سريعًا لمشكلة تأمين سكَنٍ أُسَرِيِّ مريحٍ، وتوفيرًا لقيمة الإيجارات التي تكون باهظة مع مرور الزمن.
على أن القسط الذي قد يدفع شهريًا للبنك يعادل تقريبًا الإيجار السنوي الذي يدفع في حالة استئجار البيت، مع جملة مزايا اقتصادية ومالية متنوعة.
والواقع الغربي لا يُدَاوِرُ في كون هذه المعاملة من الربا، ولا يتعسف تخريجاتٍ أو يتمحَّلُ تمحُّلاتٍ لِيُسِيغَها عند الجمهور؛ وإنما قد يقع هذا من بعض من قد يفتي للأقليات!
ومن ذلك: قول د. غريب الجمال في كتابه:"المصارف والأعمال المصرفية في الشريعة الإسلامية": "وبالنسبة للمسلمين الذين يودعون أموالهم في المصارف -أي: الغربية الربوية- ويتركون أو يعيدون إليها ما استحقُّوه من فوائدَ، فإنه لا تَرَدُّدَ في الحكم بجواز أخذ هؤلاء المسلمين لتلك الفوائد، بل قد يكون أخذُهُمْ لها واجبًا إذا تيقن أنه يَلحق بالمسلمين ضرر في حالة تركها"(١).
وقد سوَّغ بعض الفقهاء المعاصرين العملَ بهذه العقود وفقَ قيودٍ وضوابطَ وضعوها؛ اعتمادًا على ما ذهب إليه أبو حنيفة -رحمه الله- من جواز أخذ الربا من الحربيِّ في دار الحرب.
(١) المصارف والأعمال المصرفية، د. غريب الجمال، (ص ٤٣٥).