ولا غنى بالتخريج أن يكون عن مصادر المذهب المعتمدة، والمشتملة على أقوال أئمته الحافظة لفقه إمامه.
فإن كان الفقيه بذلك متأهلًا، وبهذه المسئولية مضطلعًا، مستوثقًا في ذلك كله بأوثق العرى فقد جاز له التخريج عند مجوزيه، وإلا يكن كذلك صاحَبَهُ الخطأ في ركابه، وماشاه الخلل في أحكامه، وفاته التسديد في فتاويه، واتفقت الكلمة على منعه، واتجه القول بردعه.
[وجه الرد إلى التخريج الفقهي في التعرف على حكم النوازل]
لا امتراءَ في أن علم التخريج الفقهي قد أفاد منه العلماء فوائد عديدة، ومارسوا أعماله فجنوا ثمرات نافعة، ومن ذلك:
١ - تحرير أصول الأئمة، والمفاضلة بينها، وترجيح أقواها، وإعمالها في مجالها.
٢ - تسهيل سبيل الاستنباط، وتقريب طريق درك الأحكام في المسائل لمستجدة.
٣ - إعذار أهل العلم الأقدمين والمعاصرين فيما جرى فيه خلافهم في النوازل السابقة والواقعة لاختلاف أصولهم، وأن هذه الخلافات راجعة إلى أصول علمية، ومناهج فقهية في استنباطات معتبرة وإن كانت مختلفة.
٤ - الإفادة من الذخيرة الفقهية المذهبية، واستنطاقها بشكل منهجي صحيح في إفتاء أهل العصر الحاضر في مسائل شائكة، يدق مأخذها، وقد يعجز الفقيه المعاصر عن الاستقلال باستنباط أحكامها.
٥ - في الاعتماد على الذخيرة الفقهية المذهبية حفظ لها، ومحافظة على اتصالها، واستمرار عطائها.
وبالجملة فإن الرد إلى التخريج الفقهي مصدر ثري في إيجاد حلول شرعية، وأحكام فقهية لمسائل النوازل عامة، وما يتعلق بالأقليات على وجه الخصوص، ومع الانفتاح على درس المذاهب والبحث في أمهاتها أمكن -بحمد الله- حَلُّ كثير من مشكلات الوجود الإسلامي خارج دياره.