للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من كلياتها وجزئياتها المرتبة عليها. . . " (١).

ومما يلتحق بهذا المعنى: جمعُ روايات الحديث الواحد، والنظر في أسانيده وألفاظه معًا وقبول ما ثبت، وطرح ما لم يثبت، وكما قيل: والحديث إذا لم تجمع طرقه لم تتبين علله، ثم النظر في الحديث بطوله وفي الروايات مجتمعة.

وقد حكى الباقلاني الإجماع على منع التعارض بين الأدلة الشرعية في نفس الأمر مطلقًا، كما روى الخطيب البغدادي عنه ذلك، فقال: "يقول الباقلاني: وكل خبرين عُلِمَ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تكلم بهما، فلا يصح دخول التعارض فيهما على وجه، وإن كان ظاهرهما متعارضين؛ لأن معنى التعارض بين الخبرين والقرآن من أَمْرٍ ونهي وغير ذلك، أن يكون موجب أحدهما منافيًا لموجب الآخر، وذلك يبطل التكليف إن كانا أمرًا ونهيًا، وإباحة وحظرًا، أو يوجب كون أحدهما صدقًا والآخر كذبًا إن كانا خبرين، والنبي - صلى الله عليه وسلم - منزه عن ذلك أجمع، ومعصوم منه باتفاق الأمة، وكل مثبت للنبوة" (٢).

ثالثًا: حجية فهم الصحابة والسلف الصالح:

إذا كان الكتاب الكريم حَمَّالَ أوجهٍ في الفهم مختلفة؛ فإن بيان أصحاب نبينا - صلى الله عليه وسلم - له حجة وأمارة على الفهم الصحيح، فهم أبرُّ الأمة قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا، وأصحها فطرة، وأحسنها سريرة، وأصرحها برهانًا، حضروا التنزيل وعلموا أسبابه، وفهموا مقاصد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأدركوا مراده، اختارهم الله تعالى -على علم- على العالمين سوى الأنبياء والمرسلين، "فكل من له لسان صدق من مشهور بعلم أو دين، معترف بأن خير هذه الأمة هم الصحابة -رضي الله عنهم-" (٣).


(١) الاعتصام، للشاطبي، (١/ ٢٤٤ - ٢٤٥).
(٢) الكفاية، للخطيب البغدادي، (٢/ ٥٥٨).
(٣) شرح العقيدة الأصفهانية، لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، تحقيق: سعيد بن نصر بن محمد، =

<<  <  ج: ص:  >  >>