للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الترجيح]

يظهر رجحان القول الأول؛ لأن انقلاب العين يترتب عليه انقلاب الصفات جملةً، ويبطل حكمها، قال ابن حزم: "إذا استحالت صفات عين النجس أو الحرام، فبطل عنه الاسم الذي به وَرَدَ ذلك الحكمُ فيه، وانتقل إلى اسمٍ آخرَ واردٍ على حلال طاهر، فليس هو ذلك النجس، ولا الحرام؛ بل قد صار شيئاً آخرَ ذا حُكْمٍ آخرَ" (١)، وقد صدرت توصية عن الندوة الفقهية. الطبية الثامنة، للمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية، المنعقدة بالكويت في الفترة من ٢٢ - ٢٤/ ٥/ ١٩٩٥ تنصُّ على أن الاستحالة التي تعني انقلاب العين إلى عين أخرى تغايرها في صفاتها تُحَوِّلُ الموادَّ النجسة أو المتنجسة إلى موادَّ طاهرةٍ وتُحَوِّلُ الموادَّ المحرمة إلى موادَّ مباحةٍ شرعًا.

تطبيق على مياه الصرف الصحي إذا زالَ تَغَيُّرُهَا:

اتَّفَقَ الفقهاء على أن الماء المتنجسَ إذا بلغ قلتينِ فأكثَر، فأضيفَ إليه ماءٌ طاهر، فزال عنه التغيُّرُ في صفاته الثلاثة (اللون، والطعم، والريح) فإنه يطهر بذلك (٢)، واختلفوا فيما عدا ذلك.

[تصوير المسألة]

في بعض البلاد المتقدمة -سواء أكانت إفريقيَّةً كجنوب إفريقيا، أو كانت بلادًا غربيَّةً أوروبية- تلجأ الدولة للاستفادة من مياه الصرف الصحي المتنجسة؛ وذلك بمعالجتها بطرق فنية متنوعة كالتهوية، والترسيب، والترشيح، والمعالجة الكيميائية، والبيولوجية، بحيث ترتفع أوصاف النجاسة عن الماء، فيزولُ التغيُّرُ بالنجاسة، فهل


(١) المحلى، لابن حزم، (١/ ١٣٨).
(٢) المغني، (١/ ٣٥)، المجموع، للنووي، (١/ ١٨٣)، المبسوط، (١/ ٩٠)، موسوعة الإجماع، (٢/ ١٠٨٩)، فقه القضايا المعاصرة في العبادات، د. عبد الله بكر أبو زيد، رسالة دكتوراه مخطوطة، بالمعهد العالي للقضاء ١٤٢٦ هـ، (ص ١١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>