للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يكن متأهلًا لذلك، قادرًا على تحصيل آلة الاجتهاد، متمكنًا من ملكة الفقه، لم يعتبر اجتهاده ولم يُسَمَّ عملُهُ اجتهادًا أصلًا.

القيد الثالث: أن يكون في الشرعيات؛ فالاجتهاد -اصطلاحًا- خاص باستنباط الأحكام الشرعية دون الأحكام اللغوية والعقلية (١).

ومما يدخل في الاجتهاد -دخولَ الجزء في الكل- القياسُ، فهو جزء ونوع منه، وقد سئل الشافعي -رحمه الله- عن الاجتهاد والقياس، فقال: إنهما اسمان لمعنى واحد (٢).

أي: أن القياس جزء من الاجتهاد؛ لكونهما يفضيان إلى استنباط حكم شرعي بعد بذل الجهد، والاجتهاد أعم من القياس، ومثل هذا يقال أيضًا في العلاقة بين الاجتهاد والاستحسان أو الاستصلاح (٣)، وإن كان الشافعي -رحمه الله- يرفض الاستحسان والاستصلاح والرأي الذي لا يسوغ شرعًا، وهو ما كان فيه حمل النظير على نظيره والرد إلى أصل من الأصول دون تتبع للآثار والأحاديث أو النصوص (٤).

[الفرع الثاني: حكم الاجتهاد ومجالاته]

الاجتهاد مشروع إجمالًا بشروطه المعتبرة، والأصل فيه أنه واجب كفائي عند جمهور الأصوليين (٥).

فإذا قام به البعض سقط التكليف عن الباقين، قال تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ


(١) روضة الناظر، لابن قدامة، (ص ٣٥٢)، شرح الكوكب المنير، لابن النجار، (٤/ ٤٥٨).
(٢) الرسالة، للشافعي، (ص ٤٧٧).
(٣) مصادر التشريع الإسلامي فيما لا نص فيه، لعبد الوهاب خلاف، دار القلم، الكويت، ط ٦، ١٤١٤ هـ - ١٩٩٣ م، (ص ٨).
(٤) الإنصاف في بيان أسباب الاختلاف، لولي الله الدهلوي، دار النفائس، بيروت، ١٤٠٣ هـ - ١٩٨٣ م، (ص ٤٤ - ٤٥).
(٥) البحر المحيط، للزركشي، (٦/ ١٩٨)، الفصول في الأصول، للجصاص، (٤/ ٢٤ - ٨٠)، شرح الكوكب المنير، لابن النجار، (٤/ ٤٦٠ - ٤٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>