للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: ١٢٢].

فجعل الله تعالى المؤمنين في هذه الآية على فرقتين: أما الأولى فتحفظ أهل الإسلام بالجهاد، وأما الثانية فتحفظ شريعة الإسلام بالاجتهاد.

وفي الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر" (١).

وفي حديث معاذ بن جبل -رضي الله عنه- حين بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن قوله له: "بم تحكم؟ " قال: بكتاب الله، قال: "فإن لم تجد؟ " قال: بسنة رسول الله، قال: "فإن لم تجد؟ " قال: أجتهد رأيي، قال: فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صدره، وقال: "الحمد لله الذي وفق رسولَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لما يُرضي رسولَ الله" (٢).

ووقائع اجتهادات الصحابة كثيرة مشتهرة، في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعده (٣).

وحكم الاجتهاد قد يدور مع الأحكام الخمسة بحسب اختلاف الأحوال، فمن ذلك (٤):

الوجوب العيني: وذلك في حق الفقيه المتأهل لرتبة الاجتهاد إذا نزل به ما يستوجب الاجتهاد، كما يتعين على المتأهل إذا لم يوجد غيره، أو خِيف فواتُ الوقت.

الاستحباب: وذلك إذا كانت الحاجة قائمة مع وجود غيره من المجتهدين وكان الوقت متسعًا.

الكراهة: وذلك إذا كانت المسألة مستبعدة الوقوع؛ لكونه لا نفع فيه، وكذا ما لا تتعلق به مصلحة خاصة ولا عامة، ولأن الصحابة فمن بعدهم تحرَّجوا من هذا النوع


(١) سبق تخريجه.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) إعلام الموقعين، لابن القيم، (١/ ٢٠٠ - ٢١٧)، الفقيه والمتفقه، لأبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي، تحقيق: عادل بن يوسف العزازي، دار ابن الجوزي، الدمام، ط ١، ١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م، (١/ ٤٩٠ - ٥٠٣).
(٤) المسودة، لآل تيمية، (ص ٣٧١)، البحر المحيط، للزركشي، (٦/ ٢٠٦ - ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>