للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومصالح العباد في المعاش والمعاد" (١).

٢ - "أن مصالح الناس ووسائلهم إلى هذه المصالح تتغير باختلاف الظروف والأحوال والأزمان، ولا يمكن حصرها مقدمًا، فإذا لم نعتبر مثلًا إلا ما جاء الدليل الخاص باعتباره نكون قد ضيقنا واسعًا، وفوَّتْنَا على الخلق مصالح كثيرة، وهذا لا يتفق مع عموم الشريعة وبقائها، فيكون المصير إليه غير صحيح" (٢).

٣ - أن المجتهدين من الصحابة ومن جاء بعدهم جَرَوْا في اجتهاداتهم على رعاية المصلحة وأنهم كانوا يُفْتُون في كثير من الوقائع بمجرد اشتمال الواقعة على مصلحة راجحة، دون تقيد بمقتضى قواعد القياس، أي: بقياسٍ شاهد على اعتبار المصلحة، دون إنكار من أحد، فكان ذلك إجماعًا على اعتبار المناسب المرسل (٣).

ومن هذا العرض لأدلة الفريقين يتضح رجحان القول الثاني وهو قول المعتبرين لأصل المصلحة المرسلة؛ وذلك لقوة أدلتهم، ولضعف أدلة المنكرين، وكثرة الاعتراضات عليها. ويؤيد ذلك أننا "لو لم نجعل المصلحة المرسلة دليلًا من الأدلة للزم من ذلك خلو كثير من الحوادث من الأحكام، ولضاقت الشريعة عن مصالح الناس وقصرت عن حاجاتهم، ولم تصلح لمسايرة مختلف المجتمعات والأزمان والأحوال" (٤).

[شروط العمل بالمصلحة المرسلة]

وضع العلماء شروطًا للعمل بالمصلحة المرسلة، وهذه الشروط هي:

١ - ألا تعارض أصلاً ثابتًا بنص أو إجماع؛ لأن الأصل في الشريعة مصلحة الدين، فيجب


(١) إعلام الموقعين، لابن القيم، (٣/ ٣)
(٢) الوجيز في أصول الفقه، د. عبد الكريم زيدان، (ص ٢٤١).
(٣) تغير الأحكام، لكوكسال، (ص ١٩٠).
(٤) الجامع لمسائل أصول الفقه، د. عبد الكريم النملة، (ص ٣٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>