للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس هو الحكم الشرعي، وإنما هو الفُتيا، وأن التغير لا يعلق بتغير الزمان، وإنما بتغير العوائد والأعراف، وإنما عبر بالزمان؛ لأنه كالوعاء لهذه الأعراف والعادات.

وهناك فرق كبير بين الحكم الشرعي، وبين الفُتيا، فالحكم الشرعي هو "خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين اقتضاءً أو تخييرًا أو وضعًا"، وهذا لا يمكن أن يتغير ولا أن يتبدل؛ لأن القول بإمكانية تغييره مساوٍ للقول بإمكانية تغير خطاب الله تعالى، وهذا لا يملكه أحد من البشر، كما أنه يعد نسخًا ولا نسخ بعد تمام الرسالة ووفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

تاسعًا: قول الصحابي:

قول الصحابي الموقوف عليه له حالتان:

الأولى: أن يكون مما لا مجال فيه للرأي، وهذا له حكم المرفوع كما هو متقرر في علم أصول الحديث (١).

الثانية: أن يكون مما للرأي فيه مجال.

فإن انتشر في الصحابة ولم يظهر له مخالف ولم يعرف نصٌّ يعارضه فهو حجة عند الأكثر.

ويطلق عليه الإجماع السكوتي أو الإقراري، وعليه: فإن هذا القول يُقَدَّمُ على القياس، ويخص به النص، على خلاف بين العلماء في تخصيصه للنصوص.

وإن لم ينتشر، فقيل: حجة على التابعي ومن بعده؛ لأن الصحابي حضر التنزيل فعرف التأويل لمشاهدته لقرائن الأحوال.

وقيل: ليس بحجة على المجتهد التابعي -مثلًا- لأن كليهما مجتهد يجوز في حقه أن يخطئ وأن يصيب.


(١) نزهة النظر شرح نخبة الفكر، للحافظ ابن حجر العسقلاني، ومعه: النكت على نزهة النظر، لعلي حسن عبد الحميد الحلبي، دار ابن الجوزي، الدمام، ط ١، ١٤١٣ هـ - ١٩٩٢ م، (ص ١٤١ - ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>