للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تحرير محل النزاع]

غيرُ خافٍ على المسلم أن الحاكم الحكيم هو العليم الخبير، وأن للشريعة الإسلامية سلطانًا تُردُّ إليه الخصومات، ويصدر عن أحكامها في المهمات والملمات، وأن الحجة العليا والمرجعية العظمى في حسِّ كل مسلم وعقله وعقيدته ودولته هي للشرع المطهر المعصوم.

وقد دَلَّتْ على ذلك النصوصُ القطعيةُ كتابًا وسنة، وتحقَّقَ عليه الإجماع الصحيح الصريح، قال سبحانه: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [الأنعام: ٥٧]، وقال سبحانه: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: ٤٩]، وقال سبحانه: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: ٦٥].

وفي الحديث: "إن الله هو الحَكَمُ، وإليه الحُكْمُ" (١).

والإجماع منقول على هذا المعنى، فقد قال ابن حزم -رحمه الله- "لا خلاف بين اثنين من المسلمين أن من حكم بحكم الإنجيل مما لم يأتِ بالنص عليه وحيٌ في شريعة الإسلام فإنه كافر مشرك، خارج عن الإسلام" (٢).

وقال ابن القيم -رحمه الله-: "وقد جاء القرآن وصح الإجماع بأن دين الإسلام نَسَخَ كلَّ دين كان قبله، وأن من التزم ما جاءت به التوراة والإنجيل، ولم يتَّبِعِ القرآن فإنه كافر" (٣).

وقال محدِّثُ الديار المصرية في العصر الحديث الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله-: "إن الأمر في هذه القوانين الوضعية واضح وضوح الشمس هي كفر بواح، لا خفاءَ فيه ولا


(١) أخرجه أبو داود، كتاب الأدب، باب: في تغيير الاسم القبيح، (٤٩٥٥)، والنسائي، كتاب آداب القضاة، باب: إذا حكموا رجلًا فقضى بينهم، (٥٣٨٧)، من حديث شريح بن هانئ عن أبيه هانئ أنه لما وفد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع قومه سمعهم يكنونه بأبي الحكم فدعاه رسول الله -رحمه الله- فقال. . . فذكره، ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: "فلم تكنى أبا الحكم؟. . . " الحديث. وصححه ابن حبان، (٢/ ٢٥٧)، والحاكم، (١/ ٢٤).
(٢) الإحكام، لابن حزم، (٥/ ١٧٣).
(٣) أحكام أهل الذمة، لابن القيم، (١/ ٥٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>