القول الرابع: التفصيل في المسألة؛ فالناس في طلب الجنسية على ثلاثة أقسام:
الأول: التجنس بجنسية الدولة الكافرة من غير مسوغ شرعي، بل تفضيلًا للدولة الكافرة وإعجابًا بها وبشعبها وحكمها، وهذه ردة عن الإسلام عياذًا بالله.
الثاني: التجنس للأقليات المسلمة التي هي من أصل سكان تلك البلاد؛ فهو مشروع، وعليهم نشر الإسلام في بلادهم، وتبييت النية للهجرة، لو قامت دولة الإسلام، واحتاجت إليهم.
الثالث: تجنس الأقليات المسلمة التي لم تكن من أهل البلد وأقامت به، ويعتريه الحالات التالية:
أ - أن يترك المسلم بلده بسبب الاضطرار والاضطهاد، ويلجأ لهذه الدولة، فهو جائز بشرط الاضطرار الحقيقي للجوء، وأن يتحقق الأمن للمسلم وأهله في بلاد الكفر، وأن يستطيع إقامة دينه هناك، وأن ينوي الرجوع لبلاد الإسلام متى تيسر ذلك، وأن ينكر المنكر ولو بقلبه، مع عدم الذوبان في مجتمعات الكفر.
ب - أن يترك المسلم بلده قاصدًا بلاد الكفر لأجل القوت؛ فلو بقي في بلاده لهلك هو وأهله، فله أن يتجنس إذا لم يستطع البقاء بغير جنسيته.
جـ - التجنس لمصلحة الإسلام والمسلمين ونشر الدعوة، وهو جائز.
د - التجنس لمجرد أغراض دنيوية بلا ضرورة، ولا مصلحة للإسلام وأهله، وهو محرم، وليس بردَّةٍ أو كفر (١).
(١) وهذا التفصيل رجحته عدة رسائل جامعية، منها: الجنسية والتجنس، لسميح عواد الحسن، (ص ٢٧١ - ٢٧٨)، الأحكام السياسية للأقليات المسلمة، لسليمان توبولياك، (ص ٧٩) وما بعدها، الأقليات الإسلامية وما يتعلق بها من أحكام في العبادة والإمارة والجهاد، لمحمد درويش سلامة، ضمن رسائل كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة أم القرى، الأحكام الفقهية لما يعرض للمسلم المقيم في دار الكفر، د. يوسف الجبر، (ص ٥٩٧)، الأحكام الشرعية للنوازل السياسية، د. عطية عدلان، دار اليسر، القاهرة، ط ١، ١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م، (٢/ ٧٢٧) وما بعدها.