للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتنسيق معهم حتى لا يتضرروا بهذه الحرب ويصبحوا أسرى لدى الكافرين (١).

وعلى كُلٍّ فهذا ليس موضع بحث هذه المسألة؛ وإنما قاد الحديثَ إليها أهميةُ ضرب المثال ليتضح المقال.

وليست المسألة قاصرة على التخبط في موقف المسلمين من غيرهم في تلك البلاد؛ بل فيما يتعلق بالمعاملات والأحوال الشخصية وغيرها من النوازل والأقضية، وتتكرر وتتعدد نفس الملاحظات؛ مما يقيم البرهان على أهمية وشدة الحاجة إلى هذا التأصيل.

رابعًا: تجديد الدين بعامة:

لا يبعد أن يكون في الاشتغال بنوازل الأقليات المسلمة -تأصيلًا وتطبيقًا- تجديدٌ حقيقيٌّ لهذا الدين، ويمكن تجلية هذا المعنى من خلال النقاط التالية:

١ - دعوة العلماء المقتصدين، وطلبة العلم النابهين للاجتهاد وتحصيل رتبته، والترقي في مدارجه؛ وذلك باستفراغ كلِّ وسمع، وبذل كل جهد لاستنباط الأحكام الشرعية من أدلتها الإجمالية والتفصيلية، وهذا من شأنه تحصيلُ آلة علمية خاصة تُعْنَى بأدلة الأحكام ومواضع الإجماع ومواقع الخلاف، وتحصيل ملكة الاستنباط، ومعرفة لسان العرب، والناسخ والمنسوخ وغير ذلك (٢)؛ مما يكون له الأثر البالغ في تأهيل النابهين وترقية النابغين، والذي ينعكس بدوره على تجديد هذا الدين ببيان أحكامه في المستجدات والنوازل بعامة، ولا شك أن هناك عددًا من النوازل في بلاد المسلمين وبين ظهرانيهم لا تزال بحاجة إلى معالجة علمية دقيقة، واجتهاد معتبر.


(١) أحكام الأحوال الشخصية للمسلمين في الغرب، د. سالم عبد الغني الرافعي، دار ابن حزم، بيروت، ط ١، ١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م، (ص ٨٢ - ٩٠).
(٢) الرسالة، للشافعي، (ص ٥٠٩ - ٥١١)، شرح الكوكب المنير، لابن النجار، (٤/ ٤٥٩ - ٤٦٧)، إرشاد الفحول، للشوكاني، (٢/ ١٠٢٧ - ١٠٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>