للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وربما أُطلق مصطلح الضرورة على الحاجة، قال ابن العربي: "ولكنَّ المُلْجَأَ مضطرٌ حقيقةً، والمحتاجَ مضطرٌ مجازًا" (١).

والضرورة التي تُستباح معها المحرمات قد يُلجئ إليها حالةُ التداوي، أو دفعُ الصائل، أو نشوبُ الحريق، أو حوادثُ السير، وبالجملة فإن السبب الجامع لها هو: المحافظة على الضرورات الخمس: الدين، والنفس، والنسل، والعقل، والمال، ومن هذه الجهة تنقسم الضرورة بالنظر إلى محافظتها على الضرورات الخمس إلى أقسام خمسة:

١ - ضرورة سببها حفظ الدين، مثل: قتل الشيوخ، والنساء، والأطفال في الجهاد، إذا تحصن بهم العدو فامتنع الجهاد إلا بقتلهم.

٢، ٣ - ضرورة سببها حفظ النفس، والعقل، مثل: تناولِ المُحَرَّمِ في المخمصة، أو المرض إذا أُلجئ إليه.

٤ - ضرورة سببها حفظ النسل، مثل: دفع المال للمعتدي حفظًا لعرض امرأة مسلمة.

٥ - ضرورة سببها حفظ المال، مثل: إفساد قليل المال حفظاً لأكثره (٢).

[أدلة القاعدة]

لقد قامت الأدلة متضافرة على رعاية الشريعة لحالة الضرورة والاضطرار، فمن ذلك:

أولًا: القرآن الكريم:

قوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: ١٧٣].

وقوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام: ١٤٥].

وقوله تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: ١١٩].

وجه الدلالة: دلت الآيات بجملتها على حِلِّ المحرمات حالَ الاضطرار، حيث ذكر


(١) أحكام القرآن، لابن العربي، (١/ ٨١).
(٢) حقيقة الضرورة الشرعية، د. محمد حسين الجيزاني، (ص ٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>