للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحنفية: إن المعصية لا تمنع من الرخصة مستدلين بإطلاق نصوص الرخص عن التقييد، والمطلق يجري على إطلاقه إلا لضرورة، فيشمل ذلك سفر المعصية والطاعة.

وذهب الجمهور إلى أن الترخيص مقيد في بعض النصوص، كقوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: ١٧٣]، فجعلها رخصة حالَ كون المضطر غيرَ باغٍ بخروجه على إمامه، ولا عادٍ بظلمه للمسلمين بقطع الطريق، ونحو ذلك.

كما استدلوا بأن الرخصة نعمة، وهي لا تنال "بالمعصية"، كما أن في ترتيب الترخيص على السبب المعصية تكثيرًا للمعاصي وإعانةً عليها.

وعليه فإن الراجح ما نحاه الجمهور.

إلا أنه ينبغي الالتفات إلى التفريق بين السبب "المعصية"، والسبب المقارن للمعصية، وهو أمر مهم جدًّا، قال عنه القرافي: "هو جليل حسن في الفقه" (١).

فمن سافر سفرًا مباحًا استباح به الرخص، كان ارتكب فيه معصية، أو قارنته معصية، فمن سافر مثلًا لأمر مباح كتجارة ونحوها، ثم ارتكب فيه معصية فليس هنا ما يمنع من ترخصه بالجمع أو الفطر مثلًا؛ لأن سفره في نفسه ليس بمعصية تمنع.

[أدلة القاعدة]

من القرآن والسنة والإجماع:

أولًا: القرآن الكريم:

وهي أنواع كثيرة منها أدلة دلت على التيسير والتخفيف، كما سبق بيانه في ابتناء الشريعة على رفع الحرج.


= بيروت، ط ١، ١٩٩٤ م، (١/ ٣٢٢)، نهاية المحتاج، للرملي، (٢/ ٢٦٤)، كشاف القناع، للبهوتي، (١/ ٥٠٥).
(١) الفروق، للقرافي، (٢/ ٤٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>