للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإطلاق صار سنة لا رخصة مباحة.

الثاني: رخص لم تختص بالطلب من لدن الشارع الحكيم، فتبقى على أصلها من الإباحة، فللمكلف أن يأخذ بالعزيمة وإن تحمل المشقة، وله أن يأخذ بالرخصة (١).

والأصل أن الرخصة حكمها الإباحة، من حيث هي رخصة، وقد ينظر إلى الرخصة من جهة أنها إحياء للنفس فتكون عزيمة واجبة.

وبناءً على ما سبق فإن الترخص في مقابل مشقة لا صبر عليها مطلوب، وهو من حقوق الله تعالى، كالإبقاء على النفس، وحفظها من الهلكة.

والترخص في مقابل مشقة بالمكلف قدرة على الصبر عليها هو من حقوق العباد وحظوظهم، فما طلبه الشارع بقطع النظر عن المشقة أو الحاجة فهو ملحق بالعزيمة، وما لم يطلبه الشارع فحكمه على الأصل، وهو الإباحة.

على أنه تجدر العناية بملاحظة أسباب الرخصة؛ فإن كان سبب الرخصة معصية فإن "الرخص لا تناط بالمعاصي" (٢).

وذلك لأن فعل الرخصة متى توقف على وجود شيء، نظر في ذلك الشيء، فإن كان تعاطيه في نفسه حرامًا، امتنع معه فعل الرخصة وإلا فلا (٣).

ومثال ما توقفت عليه الرخصة وكان في نفسه حرامًا: سفر العبد الآبق والمرأة الناشز، فالسفر في نفسه معصية، والرخصة منوطة به مع دوامه، ومعلقة ومرتبة عليه ترتب المسبب على السبب فلا تباح الرخصة معه، وهذا مذهب الشافعية، والحنابلة، والمالكية (٤).


(١) القواعد الأصولية عند الإمام الشاطبي، د. الجيلالي المريني، (ص ٢٢٧ - ٢٢٨).
(٢) الأشباه والنظائر، للسيوطي، (ص ١٣٨).
(٣) المرجع السابق، (ص ١٤٠).
(٤) المرجع السابق، (ص ١٤٠)، الذخيرة، لشهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي، تحقيق: د. محمد حجي، دار الغرب الإسلامي، =

<<  <  ج: ص:  >  >>