للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو: هي الحكم الثابت لا على خلاف الدليل، أو على خلف الدليل، لكن لا لعذر (١).

وبالجملة فإن حاصل هذه العبارات يرجع إلى أمرين:

أحدهما: أن العزيمة هي الحكم المتغير عنه، فلا تكون عزيمة حتى يكون في مقابلها رخصة.

الثاني: ما لم يتغير من العسر إلى اليسر، بل شُرِعَ ابتداءً، من غير نظر إلى الأعذار.

وهذه القاعدة تُقسم الترخص المشروع من حيث الصبر على المشاق إلى قسمين:

ما يكون في مقابل مشقة لا صبر عليها؛ كمرض يُعجِزُ عن استيفاء الصلاة، أو الصيام، أو جوع شديد، أو عطش شديد قد يُفضي إلى إتلاف النفوس، أو الأعضاء؛ مما يؤدي إلى تفويت العبادة، أو تفويت المهج.

فحكم هذا النوع من الرخص التي توجب تخفيفًا في شأن أداء الصلاة، أو تأخير الصيام، أو إباحة الميتة، أو الخمر حال المهلكة -أنها تجري مجرى العزائم، ولا يخرجها ذلك عن كونها رخصة، وإن كانت مطلوبة طلب العزيمة.

ولذا قال من قال من الفقهاء بوجوبها استدلالًا بقوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: ١٩٥] (٢)، وهذا الترخيص راجع لحق الله تعالى.

وأما ما يكون في مقابل مشقة بالمكلف قدرة على الصبر عليها فإن الترخيص فيه راجع إلى حظوظ العباد؛ لينالوا الرفق والسعة من الله.

وهذا القسم على ضربين:

الأول: أن يكون الطلب فيه من لدن الشارع الحكيم حتى لا يبقى فيه اعتبار لحال المشقة وعدمها؛ كالجمع بعرفة ومزدلفة، فحكمه أنه لاحق بالعزيمة فطلبه على


(١) نهاية السول، للإسنوي، (١/ ١٢٠).
(٢) نهاية السول، للإسنوي، (١/ ١٢١)، الأشباه والنظائر، للسيوطي، (ص ٨٢)، جمع الجوامع، لابن السبكي، (١/ ١٢١)، مطبوع مع حاشية البناني على شرح المحلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>