للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن الكفار يقتحمون الكفر والجرائم، ويرتكبون المعاصي، ويرتكبون المآثم، فلو كان ذلك يوجب مؤاخذتهم لما استدركوا أبدًا توبة، ولا نالتهم مغفرة.

فيسَّر الله عليهم قبولَ التوبة عند الإنابة، وبذل المغفرة بالإسلام، وهدم جميع ما تقدم؛ ليكون ذلك أقرب إلى دخولهم في الدين، وأدعى إلى قبولهم كلمة الإسلام، وتأليفًا على الملة، وترغيبًا في الشريعة، فإنهم لو علموا أنهم يؤاخذون لما أنابوا ولا أسلموا" (١).

واستثنى بعضُ العلماء بعضَ الفروع، كإيجاب الغسل بعد الإسلام للأحداث التي كانت قبله، والكفارات سواء أكانت عن يمين، أو ظهار أو قتل، وذلك بناء على القول بأنها لا تسقط عند بعض الفقهاء، في فروع أخرى (٢).

[تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات]

تُعتبر هذه القاعدة ذهبية في الدعوة إلى الله، ومنحة ربانية لعباد الله ليلجوا في دين الله أفواجًا، وما أشدَّ حاجةَ الأقليات المسلمة وهي تتطلع لنشر دينها، والتمكين لنفسها في تلك الديار أن تدعو إلى الله بهذه القاعدة ترغيبًا في الإسلام، وإزالةً للحواجز التي قد تعوق الراغبين فيه وهي بهذا تَعِد الداخلين في الإسلام بولادة جديدة تهدم ما كان قبله من الذنوب، وتعدهم ثواب ما أسلفوا من خير.

وهي مع القاعدة التي بعدها تمثلان منظومة متكاملة في فتح باب التوبة من الكفر والمعاصي بإطلاق.

ولا شك أن الجهالة المطبقة في تلك الديار تستوجب هذا الترخيص الرباني بالتوبة لمواجهة كثير من مشقَّات المخالفات والذنوب السالفات.


(١) أحكام القرآن، لابن العربي، (٢/ ٣٩٨).
(٢) الأشباه والنظائر، لابن نجيم، (ص ٣٨٨)، الأشباه والنظائر، للسيوطي، (ص ٢٥٥)، المنثور في القواعد للزركشي، (١/ ١٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>