للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للعرف؛ لأن اعتماده يكون إقرارًا لتشريع مضاد لشرع الله، ولا مشرِّع إلا الله تعالى؛ فالنصُّ أقوى، فلا يُتْرَكُ الأقوى للأوهى (١) وهذا موضع اتفاق.

٤ - ألَّا يُعَاَرضَ العرف بتصريحٍ بخلافه:

فإن خالف العرفَ شرطٌ على خلافه فإن الشرط مقدم؛ لأنه أقوى (٢)، فلو استأجر شخص سيارة من مكان إلى مكان، واشترط أن يدفع عشرين جنيهًا فليس لصاحب السيارة أن يُلزمه بأكثر، بحجة أن ذلك هو عرف الناس، وليس له أن يدفع أقلَّ استمساكًا بالعرف؛ لأن الشرط جاء على خلافه؛ فلا اعتبار له، وإنما الاعتبار عندئذ للشرط.

والقاعدة أنه لا عبرة للدلالة في مقابلة التصريح.

٥ - أن يكون العرف عامًّا:

وهذا الشرط اختلف العلماء فيه، فليس هذا موضع إجماع، وقد تقدم أن عموم العرف غير اطراده؛ لأنه قد يكون عامًّا، ولا يستمر العمل به في جميع الحوادث فلا يطَّرد، وقد يكون خاصًّا بفئة أو طائفة أو مهنة، أو أهل بلد خاص؛ فالعام قد يكون غير مطَّرد، والمطَّرد قد يكون غير عام (٣)، "والذين قالوا باشتراط هذا الشرط في العرف لا يَقصدون كل أنواع العرف، وإنما يَقصدون العرف القاضي على الأدلة، وهو ما يكون دليلًا على الحكم ظاهرًا، أما العرف المرجوع إليه في تطبيق الأحكام العامة أو المطلقة على الحوادث فهذا لا يُشترط فيه العموم، وكذلك العرف الذي يُنَزَّلُ منزلة النطق" (٤).


(١) المدخل الفقهي العام، للزرقا، (٢/ ٩٠٢)، الأشباه والنظائر، لابن نجيم، (ص ١٠٢)، رسائل ابن عابدين، (٢/ ١١٦).
(٢) قواعد الأحكام، للعز ابن عبد السلام، (٢/ ٣١١).
(٣) أثر العرف في التشريع الإسلامي، د. السيد صالح عوض، (ص ١٩٦).
(٤) تغير الفتوى بتغير الحال، سيد إبراهيم درويش، (ص ٢٢١ - ٢٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>