للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفرع الثالث: الألفاظ القريبة وذات الصلة بلفظ النوازل]

إن الفقهاء المتقدمين وإن لم يكثر دوران لفظ النوازل بينهم إلا أنهم -كما سيتبين- عُنوا بالإفتاء في كل ما يجدُّ ويحدث من مسائل، وبذلوا جهدهم في الاستنباط، وتجشموا عناء الجواب، فلربما عالجوا تلك المسائل وسموها بأسماء أخرى، ثم إن المعاصرين من الفقهاء مع استعمالهم لمصطلح النوازل، إلا أنهم قد استعملوا مصطلحات جديدة، وهذا ما يتبين فيما يلي:

[١ - الحوادث]

ومفردها حادث أو حادثة، ويقال لها -أيضًا-: الأحداث، وأصل (ح د ث) هو كون الشيء لم يكن، يقال: حدث الشيء بعد أن لم يكن، وهو شبه النازلة، والحديث: الجديد من الأشياء، وأظهر التعريفات للحدوث هو: أنه حصول الشيء بعد ما لم يكن (١).

وقال الأزهري (٢): "الحدث من أحداث الدهر، شبه النازلة" (٣).

والظاهر أنهم إنما أطلقوا لفظ الحوادث على النوازل، إما لكونها لم تذكر في النصوص الشرعية رأسًا، أو أن دلالة النصوص عليها غير ظاهرة، أو أن المبتلى بها يجهل النصوص الدالة عليها، أو يجهل وجه دلالتها عليها، فكأنها كانت بعد أن لم تكن في حقه.

وعليه فإن الحوادث تطلق غالبًا على الوقائع التي تجدُّ ولم يسبق فيها حكم (٤).


(١) الكليات، للكفوي، (ص ٤٠٠).
(٢) أبو منصور، محمد بن أحمد بن الأزهر بن طلحة بن نوح الهروي، الشافعي، أحد الأئمة في اللغة والأدب، غلب عليه التبحر في العربية، فرحل في طلبها وقصد القبائل، وتوسع في أخبارهم، من مصنفاته: تهذيب اللغة، والزاهر في غريب ألفاظ الشافعي، وتفسير القرآن، توفي ٣٧٠ هـ. بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة، لجلال الدين السيوطي، تحقيق: محمد أبي الفضل إبراهيم، دار الفكر، ط ٢، ١٣٩٩ هـ - ١٩٧٩ م، (١/ ١٩)، الأعلام، للزركلي، (٥/ ٣١١).
(٣) تهذيب اللغة، للأزهري، (٤/ ٤٠٥).
(٤) شرح الكوكب المنير، لابن النجار، (٤/ ٥٢٦)، الفصول في الأصول، لأحمد بن علي الرازي الجصاص، تحقيق: د. عجيل جاسم النشمي، مطبوعات وزارة الأوقاف الكويتية، ط ١، ١٤٠٥ هـ (٢/ ٣١٧)، المسودة في أصول الفقه لآل تيمية، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، مطبعة المدني، القاهرة، (ص ٥٢٠ - ٥٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>