للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواز: وهو طريقة المغاربة، ورجحت" (١).

وقال ابن الهمام -في فتح القدير في كتاب أدب القاضي-: المقلد له أن يقلد أي مجتهد شاء، ثم قال: "وأنا لا أدري ما يمنع هذا (أي: تتبع الرخص، وأخذ العامي في كل مسألة بقول مجتهد أخف عليه) من النقل أو العقل، وكون الإنسان يتبع ما هو أخف على نفسه من قول مجتهد مسوغ له الاجتهاد، ما علمت من الشرع ذمه عليه، وكان - صلى الله عليه وسلم - يحب ما خفف عن أمته" (٢).

كما نقل مثل هذا عن ابن نجيم المصري الحنفي وغيره، وقد صلى أبو يوسف خلف هارون الرشيد بعد أن احتجم ولم يتوضأ؛ عملًا بمذهب مالك، وأخذ أبو يوسف بقول أهل المدينة، حين أُعلم أنه صلى بعد أن اغتسل من ماء بئر فيه فأرة ميتة، فقال: نأخذ بقول إخواننا من أهل المدينة: "إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثًا".

ثانيًا: القائلون بالمنع مطلقًا:

١ - التلفيق يؤدي إلى التلاعب بأمور الدين وأحكام الشرع؛ لكونه يؤدي إلى تتبع الرخص والأخذ بما هو أيسر من المذاهب، وهذا لا يجوز.

وقد أثر عن الإمام أحمد قوله: "لو أن رجلًا عمل بقول أهل الكوفة في النبيذ، وأهل المدينة في السماع، وأهل مكة في المتعة كان فاسقًا" (٣).

٢ - إن الأخذ بالتلفيق يلزم منه احتمال الوقوع في خلاف المجمع عليه؛ لأنه ربما يكون المجموع الذي عمل به ولَفَّقَهُ مما لم يقل به أحد (٤) فيكون باطلًا.


(١) حاشية الدسوقي، (١/ ٢٠).
(٢) شرح فتح القدير، لابن الهمام، (٧/ ٢٥٨).
(٣) المسودة، لآل تيمية، (ص ٥١٩).
(٤) الكشف والتدقيق لشرح غاية التحقيق في منع التلفيق، للسيوطي، (ص ٧) وما بعدها، وشرح الكوكب المنير، لابن النجار، (٤/ ٥٧٧) وما بعدها، وإرشاد الفحول، للشوكاني، (٢/ ١١٠٦ - ١١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>