للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب: بعدم التسليم بأن التابع في الأمثلة التي يذكرها الفقهاء ليس له ثمن، بل إن له تأثيرًا في قيمة أصله فالناقة الحامل -بلا شك- أغلى ثمنًا من غيرها؛ ولهذا كان تغليظ الدية في القتل العمد بإيجاب أربعين خلفةً -أي: ناقةً حاملًا- على الجاني. وفي بيع النخل بثمره للمشتري أن يشترط الثمرة، أو لا يشترط، ولا شك أن الثمن يختلف بوجود هذا الشرط من عدمه.

والثالث: أن التأمين بذاته محرم بخلاف الحمل والثمرة واللبن ونحوها؛ فإنها مباحة في ذاتها.

والجواب: أنه لا فرق بين التأمين وهذه الأشياء المذكورة في هذا الجانب، فالكل إذا أُفْرِدَ بالعقد صار بيعه محرَّمًا (١).

الحالة الثانية: إذا مسَّتِ الحاجة إلى التأمين:

وُيشترط أن تكون الحاجة حقيقية معتبرة، وألَّا يوجد ما يدفعها من بديل شرعي، وينبغي أن تكون الحاجة ليست باليسيرة حتى يتأتى ترخيص.

قال النووي: "فرع: الأصل أن بيع الغرر باطل لهذا الحديث، والمراد ما كان فيه غرر ظاهر يمكن الاحتراز منه، فأمَّا ما تدعوا إليه الحاجة، ولا يمكن الاحتراز عنه كأساس الدار، وشراء الحامل مع احتمال أن الحمل واحد أو أكثر، وذكر أو أنثى، وكامل الأعضاء أو ناقصها، وكشراء الشاة في ضرعها لبن، ونحو ذلك فهذا يصح بيعه بالإجماع.

ونقل العلماء الإجماع أيضًا في أشياء غررها حقير؛ منها: أن الأُمَّة أجمعت على صحة بيع الجبة المحشوة، وإن لم يُرَ حشوُها، ولو باع حشوَها منفردًا لم يصح، وأجمعوا على جواز إجارة الدار وغيرها شهرًا، مع أنه قد يكون ثلاثين يومًا، وقد يكون تسعة وعشرين، وأجمعوا على جواز دخول الحمام بأجرة، وعلى جواز الشرب من ماء السقاء


(١) بحث التأمين في أمريكا، د. يوسف الشبيلي، ضمن بحوث المؤتمر الثالث لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، (ص ٦١٣ - ٦١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>