للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعوض، مع اختلاف أحوال الناس في استعمال الماء، أو مكثهم في الحمام.

قال العلماء: مدار البطلان بسبب الغرر، والصحة مع وجوده على ما ذكرناه؛ وهو أنه إذا دعت الحاجة إلى ارتكاب الغرر، ولا يمكن الاحتراز عنه إلا بمشقة، أو كان الغرر حقيرًا. . . جاز البيع، وإلَّا فلا.

وقد يختلف العلماء في بعض المسائل، كبيع العين الغائبة، وبيع الحنطة في سنبلها، ويكون اختلافهم مبنيًّا على هذه القاعدة، فبعضهم يرى الغرر يسيرًا لا يؤثر، وبعضهم يراه مؤثرًا. والله سبحانه وتعالى أعلم" (١).

ولهذا؛ فإن هذه الفتوى مبنية على قاعدة تنزيل الحاجة منزلة الضرورة في صورتي الغرر المغتفر في الأصل، وهو ما خَفَّ ودَعَتِ إليه حاجة، وفي صورة المحرم أصلًا، واشتدت وطأة الحاجة، ولم يمكن الاحتراز في حالة التأمين التجاري في أوروبا؛ لفرضه بالقانون، ولمسيس الحاجة المنزلة منزلة الضرورة إليه (٢).

قال الشافعي -رحمه الله-: "وليس يحلُّ بالحاجة محرمٌ إلَّا في الضرورات" (٣).

وقد ذهب بعض العلماء إلى أن مثل هذه الصورة وإن أبيحت إلا أنها مكروهة، وأن الأَولى تجنبُ التعامل مع التأمين التجاري مطلقًا.

يقول الدكتور محمد الزحيلي:

- يجوز التعامل مع التأمين التجاري عند الضرورة الشرعية التي تهدد دينه ونفسه وعقله ونسله وماله؛ لأن الضرورات تبيح المحظورات.

- يجوز التعامل -مع الكراهة- مع التأمين التجاري عند الحاجة التي تنزل منزلة


(١) المجموع، للنووي، (٩/ ٢٥٨).
(٢) صناعة الفتوى وفقه الأقليات، لابن بيه، (ص ٣٩٢ - ٣٩٣).
(٣) الأم، للشافعي، (٤/ ٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>