للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقادير أصل مشروع. والفرق بين الاجتهاد بغلبة الظن وبين الاستحسان: أن الاستحسان يترك به القياس، والاجتهاد بغلبة الظن يستعمل مع عدم القياس (١).

[الفرع الأول: ضوابط الاستنباط من الكتاب والسنة]

عند الاستنباط من نصوص الكتاب والسنة يتعين مراعاة الضوابط التالية:

أولًا: تلقي نصوص الوحيين بالتسليم والتعظيم:

أَمَرَ الله تعالى بالدخول في شرائع الإيمان كافَّةً، ونهى عن الإيمان ببعض والتكذيب ببعض، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} [البقرة: ٢٠٨] وأَمَرَ المؤمنين أن يقولوا: {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: ٧]، كما نعى القرآن على من آمن ببعض الكتاب أو الرسل وكفر ببعض.

وفي الحديث: "إن القرآن لم ينزل يُكَذِّبُ بعضُهُ بعضًا؛ بل يُصَدِّقُ بعضُه بعضًا، فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم منه فَرُدُّوه إلى عالمه" (٢).

"فينبغي للمسلم أن يُقَدِّرَ قدرَ كلام الله ورسوله، فجميع ما قاله الله ورسوله يجب الإيمان به، فليس لنا أن نؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعض، وليس الاعتناء بمراده في أحد النصين دون الآخر بأولى من العكس" (٣).

فكل ما أَمَرَ به الشارع أو نهى عنه، أو دلَّ عليه وأخبر به، فحقُّهُ التصديقُ والتسليم مع الإجلال والتعظيم، قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ}


(١) أدب القاضي، لأبي الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي البصري الشافعي، تحقيق: محيي السرحان، مطبعة الإرشاد، بغداد، ١٣٩١ هـ، ١٩٧١ م (١/ ٥١٦)، البحر المحيط، للزركشي، (٦/ ٢٣١ - ٢٣٢)، إرشاد الفحول، للشوكاني، (٢/ ١٠٥٩).
(٢) سبق تخريجه.
(٣) الإيمان، لابن تيمية، (ص ٣٤) باختصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>