والمجلات والصحف والإذاعات والفضائيات -يظهر بجلاء ذلك التنوع الضخم في أسئلة النوازل لدى تلك الأقليات الإسلامية فضلًا عن الأسئلة فيما لا يعد من قبيل المسائل المستجدة والقضايا المستحدثة، ولا تخطئ عين متفحص أن هذه الإجابات التي تصدر إلى تلك الأقليات الناشئة في مواطنها المقيمة في بلاد لا تحكم بشريعة ربها، والمتفاوتة في ظروفها وآلامها ومشكلاتها- ترجع إلى ثلاثة مناهج في تعاملها مع تلك الأسئلة، وتعاطيها مع تلك المشكلات.
وفيما يلي بيان مختصر لتلك المناهج:
[المنهج الأول: منهج التضييق والإفراط]
وأصحاب هذا المنهج فريقان؛ أهل ظاهرية حديثة، وأهل مذهبية قديمة.
فأما الأولون فعلى الظواهر النصية يجمدون، وعن مقاصد الشريعة يعرضون، لا يقولون بالقياس، ويحمِّلون النصوص فوق ما قد تحتمله من دلالات، ويعتقدون النصوص وحدها وافية بأحكام كل نازلة بطريق النص عليها، أو بما لا يحتمل في الفهم إلا وجهًا واحدًا، وهم يحمِّلون الاستصحاب ما لا يحتمل، وينكرون تغير الفتيا بتغير الأوصاف والأعراف والمصالح والعلل.
وهؤلاء تحملهم ظاهريتهم على تحوطٍ يفضي إلى تشدد؛ لذا يبالغون في سدِّ الذرائع، ولا يعرفون في الفقه إلا رأيًا واحدًا هو الراجح المطلق، وما سواه عدم من العدم!
وعدم إدراك قواعد ومقاصد فقه الأقليات وإعمال تلك الأصول والضوابط يفضي بصاحبه إلى تشديد وتعسيرٍ الشريعةُ منه بريئة.
قال تعالى:{وَمَا جَعَلَ عَليْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج: ٧٨]. وفي الحديث:"يسِّروا ولا تعسِّروا وبشِّروا ولا تنفِّروا"(١).