والاستغفار، والاستغاثة بالله واللجوء إليه، واستنزال الصواب من عنده والاستفتاح من خزائن رحمته، فقلما يلبث المدد الإلهي أن يتتابع عليه مدًّا وتزدلف الفتوحات الإلهية إليه بأيتهن يبدأ، ولا ريب أن من وفق لهذا الافتقار علمًا وحالًا وسار قلبه في ميادينه بحقيقة وقصد، فقد أُعطي حظَّه من التوفيق، ومن حرمه فقد منع الطريق والرفيق" (١).
يَطرق المجتهد في نوازل الأقليات موضوعات لم تُطرق -غالبًا- من قبل بهذه الصورة، وإنما هي قضايا مستجدة يغلب عليها طابع العصر الحديث وتقنيات الحضارة المعاصرة التي لم تَدُرْ بخلد العلماء السابقين، ولا سيما في غير ديار الإسلام، والمفتي يلزمه ثلاثة أمور:
١ - تصوُّر المسألة تصوُّرًا صحيحًا؛ لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره.
٢ - معرفة الأدلة الواردة فيها وكلام أهل العلم حولها.
٣ - تنزيل هذه الأدلة على واقع المستفتي والسائل، وهي أصعبها.
إن ما حفل به العصر من متغيرات هائلة في شتى مجالات المعرفة والعلم والتقنية لا يصلح معه أن يكون المجتهدون إزاءه في التباس أو تقليد أو انعزال، فترى كثيرًا منهم مترددين أو مؤثرين جانب الورع أو الخوف، أو سالكين الطريق الأسهل بالمنع منه، والتحذير والإحجام عن النظر فيه، فإذا ما دُهي به الناس وتعاطوه وأصبح جزءًا من واقعهم بدءوا ينظرون إليه بعين الاعتبار، ويتعاملون معه تعاملًا مختلفًا، بل المفترض أن يكون علماء الشرع -ولاسيما من كان منهم في تلك البلاد التي تسكنها الأقليات- أسبقَ الناس إلى فهم هذه المستجدات، ومعرفة تفاصيلها لإبداء حكم الشرع فيها، وأن يحملوا نوعًا من المبادرة في مثل