ولا بد من إيذانهم بالحرب؛ لقوله تعالى:{وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ}[الأنفال: ٥٨].
فإذا تبين هذا الأصل بشقيه استبان خطأ الذين يستحلون دماء الكفار وأعراضهم بحجة أنهم محاربون؛ لأنه إذا كان يُقصد بكونهم محاربين أنهم يحاربون الدولة المسلمة، فليس هناك دولة كافرة واحدة تحارب جميع الدول المسلمة، وإن وجدت دولة كافرة تحارب بعض الدول المسلمة؛ فإنها تصادق وتعاهد دولًا مسلمة أخرى.
وإن كان يُقْصَدُ أنهم محاربون للإسلام بتشويه صورته، وصد الناس عنه، والتربص بالمسلمين الصادقين لإيذائهم أو قتلهم، والضغط على الدول المسلمة لمنعها من تحكيم الشريعة في بقاعها، فهذا حق، ولكن لا بد لمواجهة هذه الحرب من وجود جماعة من المسلمين لها نفوذ وشوكة، تنادي برفع هذا الظلم، وتعلن الحرب على هذه الدول إذا لم تكفَّ عدوانها، حتى تعرف شعوب هذه الدول لماذا تُحَارَبُ ومتى تُحَارَبُ، وحتى إذا فكروا يومًا ما بالعدول عن ظلمهم للمسلمين عرفوا على الأقل مع من سيتكلمون، وما هي مطالبهم.
وبقاؤهم على الكفر بعد ذلك لا يبيح بمجرده دماءهم أو أموالهم أو أعراضهم؛ لأن هذه لا تستباح بمجرد الكفر، ولكن تستباح حين يَجمعون مع الكفر محاربة الإسلام والكيد لأهله.
وهذه الحرب لا يُنشئها فرد من الأفراد وإنما تُنشئها جماعة أهل الحَلِّ والعقد من المسلمين والتي لها علماؤها وشبابها ونفوذها وتمثيلها الواسع في العالم الإسلامي، بحيث يصح أن يقال عنها بأنها تتكلم باسم المسلمين، أو باسم شريحة كبيرة منهم، وتُعَبِّرُ عن آمالهم وآلامهم، وذلك كله بعد التشاور مع المسلمين المقيمين في بلاد الغربة