للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فُسِّقَ وحرم استفتاؤه" (١).

وفي كتاب إبطال الحيل: "الفتوى عند أهل العلم: تعليم الحق والدلالة عليه. . . وأما من علَّم الحيلة والمماكرة في دين الله والخديعة لمن يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور حتى يخرج الباطل في صورة الحق فلا يقال له مفتٍ" (٢).

قال ابن القيم -رحمه الله-في الواجب على المفتي-: "يحرم عليه إذا جاءته مسألة فيها تحَيُّلٌ على إسقاط واجب، أو تحليل محرم أو مكر أو خداع أن يعين المستفتي فيها ويرشده إلى مطلوبه، أو يفتيه بالظاهر الذي يتوصل به إلى مقصوده" (٣).

فلا شك أن المفتي المتتبع للحيل متعرض للفسق والمنع من الفُتيا، بل وذهب بعض أهل العلم إلى تكفيره!

فقد وقع في عهد ابن المبارك (٤) -رحمه الله- أن امرأة أُمِرَتْ بالردة لتبين من زوجها فغضب ابن المبارك لذلك غضبًا شديدًا، ثم قال: "أحدثوا في الإسلام، ومن كان أَمَرَ بهذا فهو كافر، ومن كان هذا الكتاب عنده أو في بيته ليأمر به أو هَوِيَه ولم يأمر به فهو كافر، ثم قال: ما أرى الشيطان كان يُحسن مثل هذا، حتى جاء هؤلاء فأفادها منهم، فأشاعها حينئذ، أو كان يحسنها ولم يجد من يمضيها فيهم، حتى جاء هؤلاء" (٥).


(١) كشاف القناع، للبهوتي، (٦/ ٣٠٧).
(٢) إبطال الحيل، لأبي عبد الله عبيد الله بن محمد العكبري المعروف بابن بطة، تحقيق: زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، بيروت، ط ٣، (ص ٣١).
(٣) إعلام الموقعين، لابن القيم، (٤/ ٢٢٩)، وقد نقل مثل هذا عن النووي في روضة الطالبين، (١١/ ١١٠)، وعن الحطاب المالكي في مواهب الجليل، (٨/ ٧١).
(٤) أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي التميمي المروزي، شيخ خراسان، أحد الأئمة الأعلام وحفاظ الإسلام، عالم زمانه وأمير الأتقياء في وقته، فقيه جواد مجاهد، جمعت فيه خصال الخير، طبق علمه الآفاق فحدَّثَ عنه أئمة أعلام حتى حدَّثَ عنه بعض مشايخه كالثوري وابن عيينة، ولد سنة ١١٨ هـ، وتوفي سنة ١٨١ هـ. الطبقات الكبرى، لابن سعد، (٧/ ٣٧٢)، سير أعلام النبلاء، للذهبي، (٨/ ٣٧٨).
(٥) الفتاوي الكبرى، لابن تيمية، (٦/ ١٠٦ - ١٤٣)، إعلام الموقعين، لابن القيم، (٣/ ١٥٩ - ١٨٨)، عمدة التحقيق في التقليد والتلفيق، لمحمد سعيد الحسيني، (ص ٢٥٤ - ٢٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>