للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ. . .} [النساء: ١٧٦].

قال صالح بن أحمد (١): قلت لأبي: ما تقول في الرجل يُسْأَلُ عن الشيء، فيجيب بما في الحديث، وليس بعالم في الفقه؟ فقال: يجب على الرجل إذا حمل نفسه على الفُتيا أن يكون عالمًا بوجوه القرآن، عالمًا بالأسانيد الصحيحة، عالمًا بالسنة، وإنما جاء خلاف من خالف؛ لقلة معرفتهم بما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - وقلة معرفتهم بصحيحها من سقيمها (٢).

وقيل لابن المبارك: متى يفتي الرجل؟ قال: إذا كان عالمًا بالأثر بصيرًا بالرأي.

وقيل ليحيي بن أكثم (٣): متى يجب لرجل أن يفتي؟ فقال: إذا كان بصيرًا بالرأي بصيرًا بالأثر.

قال ابن القيم معلقًا: يريدان بالرأي القياس الصحيح والمعاني والعلل الصحيحة التي علق الشارع بها الأحكام، وجعلها مؤثرة فيها طردًا وعكسًا (٤).

ولهذا ذهب أكثر الأصوليين إلى أن المفتي هو المجتهد (٥) وعبروا عن غير المجتهد بالمقلد وبالمستفتي.

واشترطوا في المجتهد أن يكون صحيح العقل، عالمًا بكتاب الله -عز وجل- وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -،


(١) أبو الفضل، صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد، الإمام المحدِّث الحافظ الفقيه القاضي، الشيباني البغدادي، قاضي أصبهان، سمع أباه، وتفقه عليه، ولد سنة ٢٠٣ هـ، وتوفي سنة ٢٦٦ هـ. طبقات الحنابلة، لابن أبي يعلى، (١/ ٤٦٢)، سير أعلام النبلاء، للذهبي، (١٢/ ٥٢٩).
(٢) المرجع السابق، (١/ ٤٦).
(٣) أبو محمد، يحيى بن أكثم بن محمد بن قطن بن سمعان، التميمي، المروزي، قاضي القضاة البغدادي، الحنفي، الفقيه سمع من عبد العزيز بن أبي حازم، وابن المبارك، وعبد العزيز الدراوردي، حدث عنه الترمذي، وأبو حاتم، والبخاري خارج صحيحه، وإسماعيل القاضي، من مصنفاته: كتاب التنبيه، توفي سنة ٢٤٢ هـ. الجرح والتعديل، لابن أبي حاتم، (٢/ ٣٤٠) وسير أعلام النبلاء، للذهبي، (١٢/ ٥).
(٤) المرجع السابق، (٤/ ٤٧).
(٥) البرهان، للجويني، (٢/ ١٣٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>