للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعضلة، وإذا غاب الإمام أو فُقِدَ قام أهل الحل والعقد بالأمر نيابةً عنه، أو إلى أن يُقام غيرُه.

ومما يستأنس به للدلالة على معنى قيام النقباء والوكلاء عن الأمة ما أخرجه البخاري عن مروان ابن الحكم والمسور بن مخرمة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال -حين أذن له المسلمون في عتق سبي هوازن-: "إنا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممن لم يأذن، فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أَمْرَكم".

فرجع الناس فكلَّمَهُمْ عرفاؤهم فرجعوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبروه أن الناس قد طيبوا وأذنوا (١).

وهو يدل على مشروعية إنابة البعض عن الكل؛ فالعلاقة إذن وكالة صريحة أو ضمنية بينهم وبين الأمة (٢).

فأهل الحل والعقد هم وكلاء الأمة ونوابها في عقد الأمور الكبيرة العظيمة وحلها، وهذا العمل الجليل يعقد لهم ولاية ونفوذًا للكلمة في عموم الأمة.

فإن خلا المكان عن إمام أو نائبه لموت أو فَقْدٍ حسيٍّ بالأسر أو نحوه، أو فَقْدٍ شرعيٍّ بالكفر، أو بترك تحكيم الشريعة واستبدالها- آل الأمر إلى أهل الحل والعقد، وعادت الولاية العامة إليهم.

قال الجويني: "فإذا شغر الزمان عن الإمام وخلا عن سلطان ذي نجدة واستقلال وكفاية ودراية، فالأمور موكلة إلى العلماء، وحقٌّ على الخلائق -على اختلاف طبقاتهم- أن يرجعوا إلى علمائهم، وَيصْدُروا في جميع قضايا الولايات عن رأيهم، فإن فعلوا ذلك فقد هُدُوا إلى سواء السبيل، وصار علماءُ البلاد ولاةَ العباد، فإن عسر جمعهم على واحد


(١) أخرجه البخاري، كتاب الوكالة، باب: إذا وهب شيئًا لوكيل أو شفيع قوم جاز. . .، (٢٣٠٧، ٢٣٠٨) من حديث المسور بن مخرمة -رضي الله عنه-.
(٢) النظريات السياسية، د. محمد ضياء الدين الريس، (ص ٢٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>