للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أن هذه الحالة الثانية فيها المحذورُ المذكورُ آنفًا، وإنْ وافقَ حكمُ القاضي الكافرِ مذهبًا لفقهاءِ المسلمين؛ إذ العلةُ في المنع ليست الموافقةَ أو المخالفةَ، وإنما أصلُ الولاية، والتي لا تكون لكافر على مسلم أو مسلمة.

وهذه الحالة تفارِقُ سابقتَهَا من حيث إن الزوج يقع الطلاق بإذنِهِ وطلبِهِ، ويمكن أن يُشْفِعَهُ بالتلفظ به بعد صدورِهِ لتوثيقه وتأكيده شرعًا.

٣ - وإن كانت الكراهية منهما معًا، فإنْ طَلَبَ الزوج التفريق وَقَعَ؛ لأنه توكيل، وعليه تبعاته، وإن طلبت الزوجة الفُرْقَةَ وصدر الحكم، وَوَقَّعَ عليه الزوج وَقَعَ؛ -لأنه إجازةٌ "والإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة" (١) -، وعليها تبعاته.

وبكلِّ حالٍ فإنه إذا صدر الطلاق ممن يملكه بصيغة شرعية صحيحة، فَلَا مانعَ من توثيقه مدنيًّا أمامَ المحاكمِ المختصَّةِ لحفظ الحقوق؛ إذ لا محذورَ شرعًا في التوثيق بمجرده، بل هو مطلوبٌ لتفادي التبعاتِ والمسئولياتِ التي قد تَنشأ عن بقاء هذا العقدِ قانويًا مع انحلالِهِ شرعًا.

وبناءً على ما سبق فإنه يبقى الأمرُ -في حالة امتناع الزوج عن التطليق مع حكم المحكمة غير المسلمة به- غيرَ معتبرٍ لافتقاد حقيقة الطلاق شرعًا، فإذا امتنع الزوج أو تعذر الوصول إليه فالمصير إلى من يقوم مقامَ القاضي في ديار الأقليات؛ لاستصدار حكم شرعي بالطلاق، وهذا ما سيتناوله المبحث الآتي بإذن الله.


(١) بدائع الصنائع، للكاساني، (٢/ ٢٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>