للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليها مع عدم رضاه عنها، فلا يكون كافرًا، بل يكون حكمُهُ حكمَ المضطرِ" (١).

وحتى لا يتعرضَ المضطر للإثم لا بُدَّ أن ينضبطَ بضوابِطِهِ، قال تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: ١٧٣].

وعليه: فإن اللجوء إلى القضاء الوضعيِّ لاستصدارِ حكمٍ بالطلاق من الجهة القانونية لا يكفي للحكم بانحلالِ عقدةِ النكاح وحصولِ الطلاق والفراقِ حتى يُطَلِّقَ الزوجُ بعبارته؛ ذلك أن الطلاق تصرُّفٌ قوليٌّ يُنَاطُ بالزوج؛ لأنه الذي بيده عقدة النكاح.

أوْ لا يتأتَّى أن يطلق الزوج بعبارته لامتناعِهِ أو لغير ذلك من الأسباب، وعندئذٍ يتأتَّى البحث عن جهة شرعية تُنَزَّلُ منزلةَ القاضي المسلم في الحكم بالتفريق، على أن ثمةَ حالاتٍ لا يُحتاجُ معها إلى بحث عن جهة تقوم هذا المقامَ، وهذه الحالات كالتالي:

١ - إذا تقدَّم الرجل إلى المحكمة بطلب الطلاق، وصدر الحكم، فإن الطلاق يقع؛ لأن طلبه توكيلٌ، ولا يتحمل من الأعباءِ الماليةِ إلَّا مؤخرَ المهرِ، والنفقةِ أثناءَ العدةِ، والمتعة.

فإن فَرَضَتْ عليه المحكمةُ أقلَّ من الواجب الشرعي، فعليهِ أن يُكْمِلَهُ وإنْ فَرَضَتْ عليه أكثر من الواجب الشرعي، فعلى المرأةِ ألَّا تأخذَهُ إلَّا إذا رضي زوجُهَا، وإلَّا أثمتْ بأكلِها الحرامَ (٢).

٢ - وإذا كانت المرأة هي الراغبة في الطلاق والطالبة للتفريق بسوءِ معاملتها بما لا يليقُ بمثلها، وصدر الحكم به في المحكمة وَقَعَ الطلاقُ؛ لأنه موافقٌ للشرع، قال ابن رشد -رحمه الله-: "والسلطان يُطلق بالضرر عند مالكٍ إذا تَبَيَّنَ" (٣).


(١) ضوابط التكفير عند أهل السنة والجماعة، لعبد الله القرني، (ص ١٣٤).
(٢) فقه الأسرة المسلمة ونوازلها في الغرب، عبد الرحمن البرزنجي، دار المحدثين، القاهرة، ط ١، ٢٠٠٨ م، (ص ٣٥٤ - ٣٥٥)، أحكام الأحوال الشخصية للمسلمين في الغرب، د. سالم الرافعي، (ص ٦١٩).
(٣) بداية المجتهد، لابن رشد، (٢/ ٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>