للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجوز فيه الاجتهاد من كل مسألة ليس عليها دليل نصيٌّ قاطع أو إجماع صحيح منعقد؛ أما ما لم يرد فيه نصٌ ولا إجماع فهو ميدان فسيح ومجال رحبٌ للاجتهاد.

فإذا كانت المسألة اجتهادية مترددة بين النفي والإثبات، ونظر فيها المجتهد المتأهل فاستفرغ وسعه وبذل جهده، وسلك الطرائق المرعية والمناهج المرضية في الاستنباط والاستدلال والترجيح عند التعارض؛ فإن هذا الاجتهاد يكون مقبولًا معتبرًا تترتب عليه آثاره الشرعية والواقعية (١).

أدلة القاعدة:

كل دليل استدل به على مشروعية الاجتهاد من القرآن والسنة والإجماع فهو دليل لهذه القاعدة، وفيما يلي بعض أنواع الأدلة عليها:

أولًا: القرآن الكريم:

قوله تعالى: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (٧٨) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} [الأنبياء: ٧٨، ٧٩].

وجه الدلالة: دلَّ قوله تعالى: {إذ يحكَمَان} على أن داود وسليمان -عليه السلام- حكما في هذه الحادثة معًا كلٌّ منهما بحكم مخالف للآخر، ولو كان وحيًا لما ساغ الخلاف، فدل على أن الحكم الصادر من كل منهما اجتهاد، يؤيد ذلك قوله تعالى: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ}؛ إذ خص الله سليمان -عليه السلام- بتفهيمه الحكم الصحيح، ولو كان الحكم نصًّا لاشتركا في فهمه (٢).


= حاشية العطار، للمحلي (٢/ ٤٢١ - ٤٢٥)، المستصفى، للغزالي، (ص ٣٤٢ - ٣٤٤)، إرشاد الفحول، للشوكاني، (٢/ ١٠٢٧ - ١٠٣٤).
(١) إعلام الموقعين، لابن القيم، (٢/ ٢٧٩)، الموافقات، للشاطبي، (٤/ ١٥٥).
(٢) انظر: مجموع الفتاوي، لابن تيمية، (٢٠/ ٢٢٤)، أضواء البيان، للشنقيطي (٤/ ١٧٠ - ١٧٢)، الفصول في الأصول، للجصاص، (٤/ ٢٤ - ٣٧) فقد ذكر الكثير من الأدلة على إثبات الاجتهاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>