للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - ينبغي استبعاد تسمية الوجود خارج العالم الإسلامي بـ"الأقليات"؛ أو "الجاليات"؛ لأن تلك التسميات مصطلحات قانونية لا تعبِّر عن حقيقة الوجود الإسلامي الذي يتصف بالشمولية والأصالة والاستقرار والتعايش مع المجتمعات الأخرى، وأن التسمية المناسبة هي مثل: (المسلمون في الغرب)، أو (المسلمون خارج العالم الإسلامي) (١).

كما أن المؤتمر الثاني لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا المنعقد بكوبنهاجن بالدانمرك قد درس في فعالياته التعبير بفقه الأقليات؛ فبيَّن القرار أن هذا التعبير إن قصد به الاجتهاد في استنباط الأحكام الشرعية لنوازل الأقليات الإسلامية من خلال القواعد الشرعية المقررة في باب الاجتهاد، وتفعيل الأصول الاجتهادية التي تتعلق بالأحوال الاستثنائية كقاعدة: المصالح، والمآلات، والضرورات، ونحوها، واعتبار خصوصية هذه الأقليات من حيث الاغتراب والالتزام القانوني بأنظمة المجتمعات التي يعيشون فيها، والتطلع إلى تبليغ الدعوة لأهلها، فإن ذلك حق، وينبغي أن يعان عليه من دعا إليه.

أما إن قصد به تتبع الزلات، وتلمس شواذ الأقوال والتلفيق بين آراء المجتهدين، بدعوى التجديد وتحقيق المصالح، فإن هذا مسلك باطل، يفضي في نهاية المطاف إلى فصل هذه الأقليات عن جذور أمتها في الشرق، وتأسيس فقه محدث لنوازلها، وأصول بدعية للاجتهاد فيها، وينبغي التحذير منه، وبيان سوء مغبته، وبذل النصيحة اللازمة لأصحابه (٢).

وهذا القرار وغيره يؤكد من جهة على خضوع جميع المسلمين تحت قاعدة التكليف الكلية بالشريعة الإسلامية أصولًا وفروعًا، كما يؤكد على واقعية الشريعة في اعترافها بالضرورات والحاجات في حياة الناس، سواء أكانت فردية أم جماعية.

كما تظهر الموازنة بين نصوص الشرع الجزئية، ومقاصده الكلية، فلا تُعطل


(١) مجلة مجمع الفقه الإسلامي الدولي، الدورة السادسة عشرة، ط ١، ١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م، (٤/ ٧١١ - ٧١٢).
(٢) البيان الختامي للمؤتمر الثاني لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا في جمادى الأولى، عام ١٤٢٥ هـ، يونيو ٢٠٠٤ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>