الشريعة فهو رَدٌّ، لا حرمةَ له، ولا أثَرَ يترتب عليه، إلا ما دعت إليه الضرورة.
"والإنسان متى حلَّلَ الحرام المجمع عليه، أو حرَّمَ الحلال المجمع عليه، أو بدل الشرع المجمع عليه كان كافرًا مرتدًّا باتفاق الفقهاء"(١).
وكلُّ مسلمٍ مأمورٌ بالاحتكام إلى الشرع المطهر في كل زمان ومكان، وفي داخل ديار الإسلام وخارجها، لا يُعْفَى من هذا أحدٌ، ولا يَسقط التكليفُ به عن أحدٍ.
وعليه: فإن الأصل هو حرمة التحاكم إلى القضاء الوضعي عند وجود البديل الشرعي القادر على استخلاص الحقوق وردِّ المظالم، وقد استفاضتِ النصوصُ في ذلك، وانعقد عليه إجماع أهل العلم، فإذا انعدم القضاء الشرعي، وأمكن تحكيم أهل العلم وحملة الشريعة كان هذا هو المتعين، وينبغي النزول على أحكامهم، والتسليم لهم في مسائل الاجتهاد؛ فإن قضاء القاضي وحُكْمَ المحَكِّم يرفع الخلاف، وقد ذكر أهل العلم أنه إذا خلا الزمان من السلطان الشرعي فإن الأمور موكولةٌ إلى العلماء، ويصبح علماءُ البلاد ولاةَ العباد، وينبغي على الجاليات الإسلامية المقيمة في المجتمعات الغربية أن تُوَفِّرَ الآلياتِ التي تتيح للمتخاصِمِينَ أن يتحاكموا إلى الشريعة، وأن تُوَفِّرَ لهم مَنْ يفصل في خصوماتهم بناءً على أحكامها، والميسور من ذلك لا يسقط بالمعسور.
وإذا كان من المحكم العام الذي لا اختلاف عليه أنه لا يجوز التحاكم إلى القانون الوضعي، فكذلك -وبنفس الدرجة- لا يجوز الاحتكام إلى غير المسلم في شئون أهل الإسلام.
"وهذه المسألة في كتب الفروع محسومة، فغير المسلم ليس أهلًا للحكم في شئون المسلمين، لا قاضيًا ولا حكمًا؛ لقوله تعالى:{وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا}[النساء: ١٤١] والآية وردت بصورة الخبر، ويُرَادُ به الأمرُ، كما يقول الشاطبي، وسَلْبُ