للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - دفع الحاجة ورفع الحرج، ولا شك أن ترك تزويج المرأة المسلمة الصالحة للزواج الراغبة فيه أَمْرٌ تترتب عليه مفاسد عظيمة، وبخاصة في المجتمعات الغربية، والمجتمعات التي تتساوى معها في عدم تحكيم شرع الله، وقد تنزلق المرأة بسبب ذلك في هاوية الفاحشة، وهذا أَمْرٌ فيه مضرة عليها في دينها وفي دنياها، وإن فرض أما استطاعت الصبر عن التزوج -مع الرغبة فيه- فلن يحصل ذلك إلا بحرج شديد.

قال الجويني -رحمه الله-: "فأما القول في المناكحات فإنَّا نعلم أنه لا بد منها، كما أنه لا بد من الأقوات، فإن بها بقاء النوع، كما بالأقوات بقاء النفوس، والنكاح هو المغني عن السفاح. . . والمناكح في حق عامة الناس في حكم ما لا بد منه" (١).

ومن المعلوم أن مثل هذه الحاجة ليست نادرة، بل هي في ديار الغرب ومجتمعات الأقليات المسلمة من الأمور الشائعة، فهي حاجة عامة، وقد ذكر العلماء أن الحاجة العامة تتنزل منزلة الضرورة الخاصة في حقِّ آحاد الناس (٢).

٢ - تزويج المركزِ المسلمةَ التي ليس لها ولي في مثل هذا المجتمع يدفع ضررًا راجحًا يلحق بها في حال عدم التزويج، ورفعُ الضرر أصلٌ عظيم في الشريعة المطهرة استُفِيدَ من أدلة عديدة أفادت بمجموعها القطعَ بثبوت هذا الأصل؛ ومن ذلك: قوله تعالى -في شأن الزوجات-: {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [البقرة: ٢٣١]، وقوله: {وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} [الطلاق: ٦].

وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله: "لا ضرر ولا ضرار" (٣).


(١) غياث الأمم، للجويني، (ص ٣٦٩)، وانظر: تفسير القرطبي، (٣/ ٧٦).
(٢) حكم تولي المراكز والجمعيات الإسلامية عقود تزويج المسلمين وفسخ أنكحتهم، د. حمزة بن حسين الفعر، ضمن بحوث مجلة المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي ٢٠٠٤ م، (ص ٤١٤).
(٣) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>